أحمد الجارالله : يا أميرنا… إنها زيارة مباركة
زيارة مباركة لبلد الوفاء.. بهذا العنوان يمكن تلخيص زيارة صاحب السمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد إلى المملكة العربية السعودية، فهي تعبير عما يجمع البلدين من وشائج القربى، والتي كانت فيها محطات عديدة تؤكد التلاحم المصيري بينهما، بدءا من انطلاقة المغفور له الملك عبدالعزيز بن سعود، رحمه الله، من الكويت لتوحيد المملكة المترامية الأطراف، مروراً بالتعاضد الأخوي تاريخياً بين الشعبين، وصولاً إلى الموقف الحاسم للملك فهد بن عبدالعزيز إبان الغزو العراقي عام 1990.
إذ يذكر الجميع مقولته، حينذاك: “لا بد أن ترجع الكويت، وإلا ستذهب السعودية أيضاً مع الكويت، إذا راحت كرامة الكويت راحت كرامة السعودية، نهائياً، لا توجد كويت وسعودية، هناك بلد واحد، فإما أن نعيش معاً أو ننتهي معا”.
نعم، كرامة السعودية من كرامة الكويت، ولهذا فإن أحداً طوال ما يزيد على 130 عاماً من المصير الواحد لم يستطع تكدير صفو العلاقات بين الشعبين، بل عجزت كل الأبواق التي تعالى ضجيجها من أن تنال من الود بين السعوديين والكويتيين، أو تضرب “إسفينا” بينهما.
لهذا، فإن مواقف البلدين تعبر دائماً عن الانصهار المصيري بينهما، ومن هذا المنطلق كان جواب الملك فهد عندما اتصل به الأمير محمد بن فهد لإبلاغه بأن “أهل الكويت عندنا، ماذا نفعل؟”، فقال له: “كل علم غانم اعمله”، ويومها فتحت الأبواب للكويتيين، وصدرت أوامر ملكية للبنوك بمعاملة العملة الكويتية بسعر صرفها العادي قبل الغزو.
كما أذكر جيداً يومها أن الملك سلمان بن عبدالعزيز، وكان حينها أميراً للرياض، أصدر تعليماته بفتح بيوت أهل المدينة كافة للكويتيين، كما نتذكر كلنا ما قاله الملك سلمان عام 1986: “لو حصل عدوان على الكويت فأنا أول من يحمل البندقية دفاعاً عنها”.
إن هذه العلاقات التاريخية بين الكويت والرياض كانت، ولا تزال، أساسها الرؤية الأخوية القائمة على احترام الشعبين والدولتين بعضهما بعضاً.
لذا، فإن أي وعكة تصيب أياً منهما تنعكس على الأخرى، لأن في القلوب وداً لا يمكن لأحد أن ينال منه، كما أنه يترجم بسهر قيادتي البلدين على تعميق العلاقات الأخوية.
من هذا المنطلق، فإن الاستقبال الذي حظي به صاحب السمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد في الرياض، والعناق الأخوي بين سموه وسمو ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يعبر رمزياً عن مدى الترابط بين المملكة والكويت.
نعم، لقد ترجمت السعودية ما قاله الملك سلمان بن عبدالعزيز، أطال الله عمره، عام 1986، إذ بعد ذلك بأربع سنوات، بذلت المملكة الدم والأنفس وإمكاناتها كافة في سبيل عودة الكويت، وبذلك أيضا صدق الملك فهد، رحمه الله، عندما قال: “إن كرامة الكويت من كرامة السعودية”، ولهذا انتصر الحق الكويتي على البغي الصدامي.
لهذا، فإن الزيارة المباركة هي تأكيد جديد على أن ما يجمع البلدين هو تعبير عن 130 عاماً من الأخوة والمحبة والتلاحم المصيري.