أحمد الدواس : يوم كان الشيوخ أبخص تعمرت الكويت
لنلق نظرة مختصرة على أحوال الأمم في العالم، لنستخرج الدروس والعبر.
ففي جزر سليمان الواقعة شمال استراليا، أو شرق اندونيسيا بنحو ألف كيلومتر، استيقظ الأطفال الصغار صباحاً وحملوا كتبهم وساروا يقطعون الطريق الطويل نحو المدرسة، تارةً يعتلون التلال الصغيرة وتارة أخرى يعبرون النهر، وما ان وصلوا المدرسة حتى شعروا بالتعب والإنهاك، وعدم التركيز والرغبة في النوم على طاولاتهم في الصف.
صورة أخرى مشابهة لأطفال مدرسة يسيرون على جسر من الحبال يهتز بهم وهم فوق النهر، وأمامهم معلمتهم الاندونيسية، وفي الهند يعتبر الفقير من يملك دولاراً في اليوم، وبالتالي فإن نصف سكان الهند بهذه الحال لدرجة ان الكثيرين منهم ينتحرون.
وبلغت المأساة ببعض الأسر أنها لا تملك ثمن ملح الطعام، فضرب الزوج زوجته فسقطت على الأرض وماتت، ولما عادت الابنة من السوق ومعها بعض من الملح كان الأوان قد فات، ووجدت أمها متوفاة.
في بعض الدول الغنية اكتشفت السلطات في اليابان وفاة عائلة مكونة من ثلاثة يابانيين لم يستطيعوا دفع ثمن التدفئة، وفي أميركا يعتبر الفقير من يملك معاشا يبلغ نحو 250 دينارا شهريا للفرد، ونحو 500 دينار للعائلة الأميركية المكونة من اربعة أفراد.
وهناك واحد من بين ستة أميركيين يعيش في الفقر، وهؤلاء يبلغ عددهم نحو 46 مليون نسمة، وفي أميركا الوسطى والجنوبية تعتبر السلفادور أخطر بلد على وجه الأرض من كثرة الجرائم.
في كولومبيا يتعرض القضاة للاغتيال من قبل عصابات المخدرات، وفي أميركا اللاتينية تبتز العصابات الإجرامية آلاف الناس، فيضطر هؤلاء لدفع المال حفاظاً على أنفسهم وعائلاتهم، وحتى لا نظلم هذه المنطقة نقول صحيح ان معظم الناس فيها يتسمون بالطيبة والكرم، لكن المنطقة خطرة رغم جذبها السياحي.
هذه بعض الأمثلة عن معاناة الناس في كثير من البلدان، والعالم برمته تجتاحه أنظمة قمعية، وأزمات مالية وبطالة، واحتجاجات شعوب ظلمها حكامها.
لنحمد الله على نعمة الرزق والأمن والاستقرار في بلدنا الكويت، ولنُبعد عنه أي خطر.
ومن أبرز الأمثلة للحفاظ على أمن الوطن ما حدث في الإمارات، قبل سنوات، فلما حرض احد الأشخاص مجموعة من الناس على التظاهر في دبي مما يهدد الاستقرار والأمن الداخلي قبضت عليه الشرطة، ونقلته على متن إحدى الطائرات مطرودا خارج البلاد، ولم تكترث لنعيق منظمات حقوق الإنسان، فلما استتب الوضع هناك وحباً بالكويت وأهلها أراد السيد ضاحي الخلفان، نائب رئيس شرطة دبي، تقديم النصح للكويت حتى لاتنزلق وتصبح ضحية للأجندات الخارجية أو المحلية فقال: “يوم كانوا الشيوخ أبخص تعمرت الكويت وكانت الدولة الخليجية الاولى، ويوم ترك الأمر للبعض (للسفهاء) ضاعت الطاسة”.
اضاف: “احتفظوا بصباحكم حتى لايأتيكم ظلام الليل، آل الصباح أخيار، والأخيار مكسب للوطن”، نقول لما قال ذلك تهكم بعض النواب السابقين على رأيه، مع ان به حكمة وبُعد نظر.
كانت الكويت جميلة ونامية، وبلداً متسامحاً دينياً ورائداً في الرياضة والمسرح والفن، لكن أصابتها الفوضى بسبب الأداء السيئ لنواب مجلس الأمة، وسوء الإدارة الحكومية والفساد، وأصبحت تكثر فيها حوادث السلب والنهب والحرائق، وإدخال المخدرات.
إنه بلد صغير آمن ومستقر يمكن إدارته جيداً، ان كل ما تحتاجه هو تعديل كل الأوضاع السلبية بفرض القوانين الصارمة.
لقد بدأ عهد الحكم الجديد في البلاد بداية موفقة ورائعة في فرض القوانين النافعة للبلد، وتبقى الكويت أفضل من كثير من بلدان العالم.
نقول هذا الكلام عن تجربة، ينفطر معها الفؤاد على الوطن، فقد عشنا في الغربة كديبلوماسيين (أو طلاب علم)، ونعلم تماماً معنى الوطن والحنين الى ترابه، بل الى غباره.
ليحمد الجميع ربهم أنهم ولدوا وعاشوا في هذا الوطن المسمى الكويت، أما البديل فهو الفوضى والظلم، ولنا في الوضع الدولي أكبر شاهد على ذلك.