فوزية رشيد : فوبيا الإسلام والاصطفاف العنصري!
{ هو قرار لاتخاذ تدابير مكافحة كراهية الإسلام تم طرحه للتصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 15/3/2024 أو في اليوم الخامس من رمضان الحالي، وقدمته باكستان نيابة عن منظمة التعاون الإسلامي فكانت النتيجة أن صوتت (115 دولة) لصالح مشروع القرار فيما امتنعت (44 دولة) عن التصويت! الطريف أن غالبية دول أوروبا هي التي امتنعت عن التصويت لمكافحة كراهية الإسلام وعلى رأسها بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا وأوكرانيا! لأن كراهية الإسلام هو الخط الذي اعتمدته طوال العقود الماضية! لتنضم إلى دول أوروبا دولة مثل الهند التي يعيش فيها مئات الملايين من المسلمين! ولكنها كالغرب الموبوء بالعنصرية الدينية هي تمارس أيضا ذات العنصرية الفاقعة ليتضح المشهد الأخير عن الاصطفاف العنصري ضد الإسلام!
{ دول أوروبا الغربية يتوالى سقوط أقنعتها بشكل مستمر! وخاصة أن كل أقنعتها أسقطتها أحداث غزة والموقف الذليل الغربي والتابع للصهيونية الذي اتخذته أنظمتها الرسمية من تلك الأحداث! وبخلاف مع الرأي الشعبي الغربي الذي شهد بأم عينيه سقوط النموذج الحضاري للغرب والذي طالما تغنى بالحضارة والتنوير والحداثة والإنسانية والحقوق ولكنه في الامتحانات الكاشفة لتطبيقات هذا النموذج الغربي أثبت سقوطه ورسوبه في كل الامتحانات التي تعايشها البشرية منذ أن تسلط النموذج الغربي الاستعماري على شعوب العالم وثقافاته وحضاراته وتاريخه وهويته وأخيرا على معتقداته ودينه!
{ خلال جلسة التصويت على قرار تدابير مكافحة كراهية الإسلام قال أنطونيو غوتيريتش الأمين العام للأمم المتحدة ((فعالية اليوم تسلط الضوء على الوباء الخبيث وهو (الإسلاموفوبيا) الذي يمثل إنكارا وجهلا كاملين للإسلام والمسلمين وإسهاماتهم التي لا يمكن إنكارها)!
وفي الواقع وصف الإسلاموفوبيا بالوباء الخبيث هو في مكانه مع ذكر أن فيروسات هذا الوباء صنعها الغرب نفسه لينشرها في كل العالم منذ أن خضع هذا الغرب لإدارة النخبة الشيطانية التي تقف ضد الأديان وتحديدا ضد الدين الإسلامي والمسلمين! ليتضاد الغرب مع كل ما اختطه لنفسه من ادعاءات علمانية وحضارية وتنويرية وحداثية وحقوقية ومن بينها مكافحة العنصرية الدينية فإذا به يقع على رأسه في فخ الكراهية الدينية والتحريض على التمييز والعداوة المستشرية والعنف ضد الإسلام والمسلمين! والقصص حول ذلك كثيرة وتملأ مجلدات مكتبة بأكملها ويعرفها القاصي والداني!
{ من ناحية أخرى فإن الامتناع عن مكافحة كراهية الإسلام ليس إنكارا وجهلا كاملين للإسلام والمسلمين وإسهاماتهم الحضارية والإنسانية الكبيرة في تاريخ البشرية بل هو إنكار متعمد من الغرب الذي أصلا بنى حضارته الراهنة في مجلدات العلم والطب والفلك والفكر وغيرها على ما تركه الإسلام من أثر حضاري كبير في الفترة الأندلسية تحديدا، واستنادا إلى علوم كبار العلماء العرب والمسلمين، الذين أناروا طريق الحضارة الإنسانية للغرب حين كان هذا الغرب غارقا في ظلام العصور الوسطى! ويكفي الغرب ما كتبه مفكروه وفلاسفته المنصفون عن ذلك التأثير الكبير، بل الحاسم للإسلام والمسلمين، كما يكفي الكتب التي سجلت ذلك وبينها كتاب (شمس الله تشرق على الغرب) حول فضل العرب والمسلمين على أوروبا، للدكتورة «سيجريد هونكة» لنعرف أن الأمر والموقف الغربي العنصري ليس نابعا عن جهل وإنما عن كراهية متأصلة وعداوة متعمدة لما يمثله الإسلام من ضوء إلهي حقيقي في مواجهة ما يعتنقه الغرب الليبرالي والنيوليبرالي من توجهات فكرية وفلسفية غارقة في الرؤى المادية المتطرفة! التي تسير على دروب الشيطان بالتوجيهات الإلحادية! فترى في الإسلام عدوا وفي المسلمين أعداء، دون وضع أي اعتبار حتى للقيم الغربية (المدعاة) حول حرية المعتقد والدين والحقوق الإنسانية في ذلك!
{ هو اصطفاف عنصري مترسخ وإسلاموفوبيا يتم تكريسه عن عمد ودراية وليس عن جهل كما قال الأمين العام للأمم المتحدة! والموقف الأوروبي من قرار مكافحة كراهية الإسلام معروف ومتوقع لأن الغرب نفسه يتبنى آليات وتدابير نشر وترسيخ تلك الكراهية ضد الإسلام بكل الطرق بناء على المعتقد الشيطاني وعبادة الشيطان والمنظمات والجمعيات السرية الشيطانية التي تنتشر كفيروسات الوباء الخبيث في كل عروقه ونمط تفكيره وفلسفته! وهو ما أوصل الغرب إلى انحطاطه الروحي الذي يعيش في مستنقعاته ويعمل على نشره في العالم كله بإفلاس روحي وأخلاقي! لا يمت إلى الحضارة الإنسانية الحقيقية ولا إلى سنن وقوانين الكون والإنسان التي صنعها الله ليتم الاحتكام إليها! والغرب كما خسر محركه الروحي والأخلاقي فيما يشرعه للعالم، خسر في النهاية الادعاءات والشعارات التي يدعي أنه يتبناها حول الحريات والإنسان والحقوق! فلا عجب من كل هذه الكراهية للإسلام!