بدر خالد البحر: شكراً سمو الأمير تحريرنا للمرة الثانية
تلقينا، كالعادة، دعوة لحضور افتتاح حضرة صاحب السمو أمير البلاد لدور الانعقاد العادي الأول للفصل التشريعي الثامن عشر لمجلس الأمة، الذي لن ينعقد هذه المرة، فذكرنا بالجلسة التاريخية للنطق السامي، حين كشف سموه كيف «تعاونت السلطتان التشريعية والتنفيذية، واجتمعت كلمتهما على الإضرار بمصالح البلاد والعباد، وتلاعبهما بملف الجنسية وتغيير الهوية الكويتية، وتبادلهما المصالح والمنافع على حساب الوطن والمواطنين»، ثم وعد سموه بالمواجهة بما يحقق مصالح البلاد العليا، وبدأ بسحب الجناسي المزورة من خلال الوزير المكلف بوزارة الداخلية، لتنطلق ضده حرب النواب الشعواء التي لم تتوقف حتى تطاول أحدهم على النطق السامي، مما أدى إلى حل المجلس. ثم تفاقمت ظاهرة التطاول على سدة الحكم وعلى الأسرة، وتزامنت مع الدفاع عن مزوري الجنسية، وازدادت هذه الوتيرة لتعرقل التشكيل الحكومي وتهدد بالاستجواب قبل التشكيل الوزاري، مما جعلنا في خانة اللادولة، فإما الخضوع لهذا الاحتلال الداخلي، أو تحرير الكويت من هذا الغزو المحلي، فجاء الأمر الأميري الحازم بحلّ المجلس وتعليق الدستور. وعليه نقول لرئيس الوزراء الحالي، ليس في تاريخك السياسي ما نعوّل عليه كثيراً، لكنها الآن فرصتك بعد نيلك ثقة سمو الأمير أن تقف صلباً وتعيد بناء ما قوّضته الحكومات السابقة، وأن تجيد اختيار فريقك من وزراء ووكلاء، وتبتعد عن زملاء أثبت القضاء والتاريخ عدم صحة اختيارهم، فقد ذكّرنا رئيس الوزراء السابق بعصاة عبدالله الأحمد في يناير الماضي، بذكرى وفاته يوم كتابة المقال، وبما أنها عصاة والدك، فنذكّرك باستخدامها ديموقراطياً هذه المرة بالتوافق مع القانون والدستور، لإعادة بناء دولة المؤسسات، بعد أن أزال عنك سمو الأمير عائق مجلس الأمة الذي وصل إلى حد مشابه لما وصفه الأمير الراحل سعد العبدالله – الذي يوافق غداً ذكرى وفاته عام 2008 – في مداخلة له بالمجلس، حين قال: «وصل السيل الزبى.. ولكن دائما تحلّينا بالصبر حتى فسّر الصبر بأنه خوف وجُبن، لا، وبإمكاننا أن نستعمل القوة»، وها نحن الآن وقد نفد الصبر واستُخدمت القوة الدستورية بحلّ المجلس وتعليق الدستور لتعديله. لقد عُلّق المجلس من قبل لعشر سنوات، كما أشرنا في مقال سابق، المرة الأولى 1976 إبان حكم الشيخ صباح السالم كأول حلّ بالحياة البرلمانية، بنيّة تنقيح الدستور، فشُكّلت لجنة لذلك خلال ستة أشهر، إلّا أن التعديل لم يتحقق، أما المرة الثانية للتعطيل غير الدستوري، فكانت في عهد جابر الأحمد 1986، لكن بنيّة وقف العمل بالدستور وإنشاء المجلس الوطني. وربما يحاول البعض ربط تعليق الدستور بمخاطر تزامنت مع التعليقين السابقين، فبعد أربع سنوات من أول تعليق للدستور 1976، نشبت حرب الخليج بين إيران والعراق، وبعد أربع سنوات أيضاً من التعليق الثاني 1986 حدث الغزو العراقي، إلّا أن هذا الإيهام بتزامن المخاطر الإقليمية مع كل تعليق للدستور أمر غير واقعي ولا يعوّل عليه ولا يمكن بثّه بين المواطنين، خصوصاً أن الأوضاع الإقليمية وضعف اقتصادات الدول المحيطة من الشمال والشرق يجعلانها غير قادرة على الدخول في أي شكل من أشكال الحروب، رغم أن الأوضاع غير مستقرة، وهو ما يجعلنا في جميع الأحوال، وخاصة في هذه الأثناء، نعزز الوحدة الوطنية، ونتأكد من سلامة الجبهة الداخلية وحمايتها من أيّ تدخلات خارجية تثير النعرات أو تزعزع الأمن الداخلي، كما حدث مع خلية العبدلي، فنكون أكثر حيطة وحذراً كمواطنين وكأجهزة أمنية حكومية، كي لا ندع مجالاً لأي حالة من عدم الاستقرار دوافعها خارجية أو داخلية. لقد جاء قرارا الحل وتعديل الدستور لإنقاذنا من حالة اللادولة، فشكراً لسمو الأمير تحرير الكويت للمرة الثانية. ***حالة «انكسار عادل» في تغريدته التي لخّص فيها الوضع السائد، والتي عبّرت عن مشاعر الغالبية تم تجبيرها بـ «اعتدال كاسر» حازم بالحل والتعليق. *** إن أصبتُ فمن الله، وإن أخطأت فمن نفسي.
*الجريده