رأي في الحدث

حمد سالم المري : عذراً…. شهداءنا رحمكم الله

لم ننس غدر جارنا الشمالي، الذي أحسنا إليه طوال حربه مع إيران، ولن ننسى ما فعله بنا من احتلال أرضنا، وقتل شبابنا، وتدمير دولتنا، ولن ننسى دمعة أم ثكلى، وزوجة رُملت، وطفلة يُتمت على يد جيشه الغادر.

ولن ننسى خطفه لأسرانا الذين غيبهم في غياهب القبور الجماعية، والتي لا يزال العشرات منهم مجهولي المصير.

البعض يقول إن الظروف اختلفت، وإن النظام العراقي البائد، ذهب إلى مزبلة التاريخ من غير رجعة، وإنه لا بد من التصالح، والعفو عما سلف!

نسي هؤلاء أن الجيش العراقي الذي احتل بلادنا عام 1990 وعاث فيها فساداً لمدة سبعة أشهر، هو من الشعب العراقي بمختلف أطيافه، وليس من أسرة المقبور صدام حسين، وليس من تنظيم البعث، ولا يزال الكثير منهم يعتبر الكويت محافظة عراقية.

بل زاد الطين بلة سيطرة إيران على النظام في العراق، مع وجود الكثير من الميليشيات الموالية لإيران، والتي ما توقفت عن تهديد أمن واستقرار الكويت.

آلمنا كثيراً دخول عدنان درجال إلى البلاد، واستقباله استقبالا حافلا وكأنه ملك مرسل، متناسين موقفه أثناء الاحتلال العراقي للكويت، وتكليف النظام العراقي له في ذلك الوقت بحصر الوثائق الرسمية الموجودة في الأندية الكويتية، ومصادرة الأجهزة والمعدات الرياضية والكؤوس والجوائز التي حصلت عليها أندية، ومنتخب الكويت، ومضايقته للاعبين الكويتيين الصامدين في البلاد للعب باسم الأندية العراقية.

كما دهشنا من زيارة كلا من وزير الصحة، ووزير الإعلام والثقافة، وزير دولة لشؤون الشباب للاعب عراقي مصاب يعالج في مستشفيات الكويت، وكأن الكويت وشعبها هم المتسببون في اصابته، أو كأنه شخص له فضل علينا، وكان لا بد من رد الفضل إليه، وليس مواطناً عراقياً عادياً حاله حال ملايين العراقيين، ونحن نعلم لو أن المصاب لاعب كويتي لما التفت إليه أحد، ولا سأل عنه.

من أجل استقرار المنطقة وحفظ أمنها، يتحتم علينا تحسين علاقاتنا الديبلوماسية مع جارنا العراق، ونبدي لهم حسن النوايا، مقابل معاملتهم لنا بالمثل، لكن الواقع يقول غير ذلك، لسيطرة الميليشيات التابعة لإيران على مفاصل العراق، وتهديدها الدائم لأمننا، مقابل صمت وعجز الحكومة العراقية عن إسكاتها.

إعادة العلاقات الديبلوماسية والتجارية مع العراق لا تعني نسيان غدره لنا عام 1990، وهذا لا يعني فرط الترحيب بهم، واستقبالهم استقبال الملوك، بل يجب أن نذكرهم بفعلتهم الشنيعة مرارا وتكرارا، حتى يعلموا أن الجرح الذي احدثوه في جسدنا غائر، وأنه لن يندمل مهما تقادمت السنون.

أخيرا، نعتذر لكل أم ثكلى قتل ولدها على يد جيش الاحتلال العراقي، ونعتذر لكل زوجة رُملت بعد أن عذب زوجها ومات من التعذيب على يد هذا الجيش الجائر، ونعتذر لكل طفلة فقدت أباوها الذي اعتقلته القوات الغادرة وغيبته في غياهب سجونها، ولم يعد إلى الآن، ولا أحد يعرف مصيره.

نعتذر لكل أسرة وجدت بقايا جثة ابنها في مقابر جماعية في العراق بعد مرور نحو 30 سنة، نعتذر منهم على سماعهم للهوسات العراقية الفرحة على أرض الكويت التي تلطخت بدماء شبابها على أيديهم الغادرة.

*السياسه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى