أحمد الجارالله: من الشرق الأوسط إلى دونالد ترامب… مرحباً
عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض ليست عادية، فهي ليست امتداداً لفترة رئاسية، إنما دلالة أكيدة على تغيير في رؤية المواطن الأميركي، ولهذا قفزت المؤشرات المالية والاقتصادية كافة عندما أعلن فوز الرجل.هذا على صعيد الداخل، أما في الخارج، فإن الشرق الأوسط له حصة كبيرة من هذا الفوز، لأنه اختبر ترامب في رئاسته الأولى، وعرف ماذا يريد الرئيس الجديد- القديم، خصوصاً أن إدارته السابقة كانت تسعى إلى تخفيف التوترات، مع الحزم في الموقف، ولهذا إذا كانت الرئاستان السابقتان (أوباما وبايدن) قد عملتا على تأجيج الصراعات في الشرق الأوسط، سعيا إلى تغيير جذري يناقض الطبيعة الثقافية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية في آن واحد، فإن ترامب في إدارته الأولى كان مدركاً ماذا يعني ذلك بتأثيره على المصالح الستراتيجية الأميركية.لا شك أن الشرق الأوسط منذ عام 2010 دخل مع الإدارتين الديمقراطيتين نفقاً مظلماً، عماده الدم والدمار، والإفقار المتعمد، ومحاولة السعي إلى فرض رؤى لا يمكن أن يقبلها العالم العربي عموماً، ودول الخليج خصوصاً.لذا جاءت الرئاسة الأولى لترامب لتعمل على إصلاح ما خربته الإدارة الديمقراطية، خصوصاً إقلاقها المنطقة كلها، أكان عبر اختلاق “داعش” أو تعزيز محور الإرهاب، بدءاً من العصابات الحوثية، مروراً بالميليشيات الطائفية العراقية، وصولاً إلى “حزب الله”، فكل هذا التشكيل التدميري عمل على إذكاء النيران في كل الدول العربية، دون استثناء.لقد كانت إدارة ترامب الأولى صانعة سلام، فقد كبحت جماح الإرهاب، ومنعت دول محور الشر من تعزيز قوتها، أكان بسعيها إلى الوصول للعتبة النووية، كما هي الحال مع إيران التي استفادت من الاتفاق النووي الذي عقده معها أوباما، وأفرج عن مليارات الدولارات التي وظفتها بدعم العصابات الطائفية، أو إقفالها الطريق إلى سلام دائم في الشرق الأوسط، ولنا في مذكرات أوباما وهيلاري كلينتون، وزوجها بيل أكبر شاهد على التخريب الذي أحدثته الإدارات الديمقراطية.وإذا كانت هذه حال الشرق الأوسط في عهدي أوباما وبايدن، فإن الولايات المتحدة نفسها لم تسلم من الخراب الاقتصادي والاجتماعي، وزيادة على ذلك تعزيزها الصراع بين روسيا وأوكرانيا الذي وصل في مرحلة ما إلى تهديد السلام العالمي، خصوصاً عندما ارتفعت نبرة التهديد بحرب عالمية ثالثة، واستخدام القنابل النووية.لهذا، وبكل صدق أسعد العالم العربي، والشرق الأوسط عموماً، فوز الرئيس دونالد ترامب بولاية جديدة، فسيد البيت الأبيض اليوم يدرك أن لا حل في المنطقة إلا بتقليم أظافر بعض الدول الشريرة، ولجمها من دون حروب، وكذلك العودة إلى الستراتيجية الحازمة بلا دماء ودمار، بل بناء على أسس صحيحة، طمحت إليها الدول العربية كثيراً، وخصوصاً الخليجية منها.لا شك الجميع في المنطقة يريد أن يرى أميركا جورج واشنطن وجيمس ماديسون، وجون أدامز، وأبراهام لينكون، و دوايت أيزنهاور، الذين ساهموا في بناء هذه الدولة العظيمة، التي يعرف عنها سعيها الدائم إلى الحرية والديمقراطية.مرحبا بسيد البيت الأبيض الجديد- القديم، الذي ينتظر منه الشرق الأوسط إعادة العلاقات المتميزة، وعمله الحثيث من أجل السلام في المنطقة.