رأي في الحدث

سوسن الشاعر : صفعة أمريكية للأوروبيين

بتجاهل تام للأوروبيين اجتمع الروس والأمريكان في الرياض وناقشوا ضمن ما ناقشوا «أمن القارة الأوروبية» من خلال دراسة كيفية إنهاء ملف الحرب الأوكرانية الروسية ومن خلال تفاصيل خاصة بحلف الناتو التي أعلن فيها ترامب رفضه لانضمام أوكرانيا إليه، وهي مواضيع تمسّ أمن القارة الأوروبية بشكل مباشر، إنما رغم ذلك عُقد الاجتماع بتجاهل تام للدول الأوروبية ومضت الولايات المتحدة قُدماً دونهم بلقاء مباشر مع مسؤولين روس رفيعي المستوى.يتباكى الأوروبيون على هتك قيم التحالف الأمريكي الأوروبي القوي الذي مضى عليه عقود طويلة من بعد الحرب العالمية الثانية، ويتهمون الولايات المتحدة الأمريكية بالخيانة لتلك القيم خاصة بعد خطاب فانس نائب الرئيس الأمريكي العنيف ضد الدول الأوروبية، ومن هناك أعلن المبعوث الأمريكي لأوكرانيا أنهم سيجتمعون مع الروس وسيضعون حداً لهذه الحرب، وحين سُئل إن كانت الدول الأوروبية ستكون مدعوة للاجتماع ردّ قائلاً «أنا من المدرسة الواقعية لذلك الجواب هو لا لن تُدعى للاجتماع»!!(مما ذكرنا نحن دول الخليج العربي حين كانت أوروبا تجتمع مع الإيرانيين لتحديد مصير منطقة الخليج العربي دون أن يدعونا لاجتماعاتهم رغم أننا كنا الطرف الثاني، إنما تجاهلونا بتعمد تام !! فسبحان تلك الأيام التي نداولها بين الناس!! اليوم يجري تحديد مستقبلهم الأمني في الرياض في ظل غيابهم التام، فقط جملة اعتراضية للتذكير). ترامب مؤمن أن أوروبا جزء من المشكلة الأمنية الأوروبية بعجزها، بتخلّفها، بمصالحها الشخصية، وباتكالها على الولايات المتحدة الأمريكية في حفظ أمنها، كما هي الإدارة الأمريكية السابقة أيضاً التي واصلت بذات النهج حتى فرّغ الجميع خزائن أسلحتهم دون نتيجة تُذكر، من وجهة نظر الإدارة الأمريكية الجديدة الأطراف الثلاثة (زعماء أوروبا وزعماء أوكرانيا والإدارة الأمريكية السابقة) ساهموا كثيراً في استمرار الحرب وطول أمدها وامتداد أضرارها، لذلك يُفضّل ترامب أن ينهي حالة الجمود هذه بكسر الطوق والتوجّه مباشرة لروسيا والتفاوض معها بشكل مباشر، ومع الرئيس بوتين تحديداً، دون النظر إلى حالة الاستياء الأوروبية.الأوروبيون في حالة ذهول تام في السرعة التي تتحرّك بها أمريكا استدعت اجتماعاً عاجلاً لبحث الأمن الأوروبي بمعزل عن الحلف الأطلسي، تلك «مدرسة واقعية» جديدة على الأمن العالمي كله، ومنعطف تاريخي كبير سيغيّر من وجه العالم كله.وكما أعدنا نحن تموضعنا الجيوسياسي من بعد الربيع العربي والتخلّي الأمريكي عنا، تُعيد أوروبا الآن تموضعها الجيوسياسي بعد الصفعة الأمريكية الأخيرة.ومرة أخرى تلك الأيام نداولها بين الناس.

*الوطن/البحرين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى