السيــد زهـره : التآمر على سوريا الجديدة

الأحداث الدامية التي شهدها الساحل السوري في الأيام الماضية وراح ضحيتها المئات في منتهى الخطورة، ليست الأحداث فقط في حد ذاتها، وإنما أساسا من حيث ما تعكسه وما يمكن أن يتطور إليه الوضع.
نقول مباشرة إن هذه الأحداث تندرج في إطار التآمر على النظام الجديد في سوريا ومخططات المتآمرين.
والتآمر على سوريا الجديدة معروف ومعلن، وتشارك فيه ثلاثة أطراف متآمرة.
أولها بالطبع إسرائيل التي اجتاحت سوريا واحتلت الجنوب وتريد البقاء فيه. إسرائيل لم تخف أبدا مخططاتها ضد النظام الجديد في سوريا، فقد أعلنت صراحة أنها تسعى إلى الحيلولة دون أن يكون في سوريا نظام مركزي قوي، وأن مصلحتها تقتضي تقسيم سوريا. وفي إطار مخططها هذا نصبت إسرائيل نفسها حاميا للأقليات وخصوصا الدروز في سوريا وأعلنت انها لن تتردد في التدخل تحت زعم حمايتهم.
وثاني الأطراف المتآمرة إيران.
سقوط نظام بشار الأسد كان هزيمة مدوية لإيران ولمشروعها التوسعي الطائفي في المنطقة العربية، إذ كانت سوريا في عهد النظام السابق ساحة متقدمة لهذا المشروع.
ومنذ أن سقط نظام بشار الأسد سارع النظام على الفور بإعلان عدائه للنظام الجديد. ولم يكتف بهذا، بل أعلن على لسان كبار القادة الإيرانيين وفي مقدمتهم المرشد الأعلى خامنئي أن ما أسماها «القوى السورية الشريفة» سوف تتحرك من أجل إسقاط النظام. وهو الأمر الذي يعني بشكل شبه صريح عزم النظام الإيراني على العمل على إسقاط النظام.
وقد أعلن مسؤولون سوريون بالفعل أن النظام الإيراني وحزب الله لهم دور أساسي في أحداث الساحل الأخيرة.
وثالث هذه الأطراف فلول النظام السوري السابق من عسكريين وغير عسكريين الذين فقدوا امتيازاتهم ومواقعهم مع النظام الجديد. وهؤلاء يمثلون الأداة الأساسية للمتآمرين على سوريا لتنفيذ مخططهم.
مخطط هذه الأطراف المتآمرة على سوريا الجديدة واحد وأبعاده معروفة. وهو يقوم على أمرين:
الأول: العمل على إثارة فتنة طائفية وصراع طائفي ممتد في سوريا؛ أي بعبارة أخرى إثارة حرب أهلية طائفية.
والثاني: تكون هذه الحرب الطائفية مقدمة وذريعة لتقسيم سوريا إلى دويلات طائفية متناحرة، الأمر الذي يتيح لكل القوى المتآمرة اخترق سوريا وتحقيق مشاريعها.
لهذا، فإن هذه الأحداث الدامية في الساحل لن تكون الأخيرة. لن تتوقف القوى المتآمرة عن العمل على إثارة مثل هذه الأحداث في مناطق سورية أخرى.
لهذا المطلوب اليوم من النظام الجديد في سوريا وأد هذه الفتنة الطائفية في مهدها والتصدي الحازم للذين تورطوا فيها.
ولا يقل أهمية عن هذا أنه مطلوب من القيادة السورية تحجيم أي نوازع ومواقف طائفية لدى بعض المنتمين إلى النظام. وحسنا فعل النظام بتشكيل لجنة تحقيق في الأحداث يجب أن تكون مستقلة ومحايدة وعملها شفاف.
لقد وعد النظام الجديد منذ البداية بمحاربة الطائفية واحترام كل الطوائف والأقليات والمساواة في المجتمع. ويجب أن يفي بهذا الوعد حفاظا على مستقبل البلاد.
في الوقت نفسه، سوريا اليوم بحاجة إلى الدعم العربي القوي. والدعم العربي يجب ألا يقتصر على بيانات إدانة الأحداث، كما فعلت كثير من الدول العربية. الدعم يجب أن يكون عمليا بكل السبل بتوفير القدرات لتمكين النظام من مواجهة المتآمرين والحيلولة دون اندلاع صراع طائفي أو تمزيق البلاد.
*اخبار الخليج