رأي في الحدث

أحمد الجارالله : الشغب “الإخواني” أفقد الأردن مغانم دولية مهمة

بهدوء، استطاعت الأجهزة الأمنية الأردنية تفكيك شبكة تخريبية من جماعة “الإخوان المسلمين”، ووفقاً لما قاله وزير الداخلية مازن الفراية، فإن المخطط كان يستهدف الكيان الدستوري للمملكة، ووجودها.هذا ليس من فراغ، بل هو حلقة جديدة في مسار الفوضى الذي بدأته الجماعة العام 2011، بدءاً من تونس، وصولاً إلى مصر، مروراً بليبيا، واليمن، وسورية، وغيرها.جماعة “الإخوان المسلمين” طوال تاريخها معروفة في العالم العربي بأنها ساعية إلى تقويض أمنه القومي، في محاولة للسيطرة على حكم دولة منه، لتتحول كبقعة زيت تمتد إلى بقية الدول، لذا استغلت حادثة محمد البوعزيزي في تونس كي تؤجج نار الغضب، وتحوله ثورة، وتُسقط النظام.هذه الشرارة كانت كفيلة بهدم أنظمة عدة، خصوصاً مصر التي هي حجر الأساس للأمن القومي، ولنا مثال في ما جرى خلال خمسينيات القرن الماضي، فانقلاب عام 1952 كان بوابة لتغيير أنظمة دول عدة، وجلب الفوضى إلى بقية المنطقة، وكانت الحجة، كما اليوم، القضية وتحرير فلسطين.هذه الأكاذيب والتخرصات انطلت على أبرياء كثر، وساعدت “الجماعة” في أن يكون لها موضعها المتقدم في الحركة السياسية، من هنا دخلت البرلمانات والحكومات، كما أنها سطت على السلطة في مصر بعد حركة 25 يناير 2011، لكنها سقطت في شر أعمالها، جراء البطش والتعذيب، ومحاولاتها السيطرة على الاقتصاد، ومرافق الدولة، وظهر وجهها القبيح بالرسائل المتبادلة بين محمد مرسي وتل أبيب، للتخلي عن مناطق معينة، تنفيذاً لمخطط نقل سكان غزة إلى سيناء.هذا ساعد بعد عام فقط على أن ينهض الشعب المصري، وبحماية جيشه، والثورة على حكم “الإخوان”، واستعادة هبة النيل دورها، واستقرارها من مخالب الوحش.في هذا الشأن، لا بد من التذكير بعلاقة “الجماعة” مع الغرب، وخدماتها الكثيرة له التي تصب في السيطرة على موارد العالم العربي، لهذا حين بدأت دول الخليج بالتعامل الحذر معها، خصوصاً بعد فضيحة “إخوان الكويت” بابتزاز الحكم خلال الغزو العراقي، كانت تلك الخطوة الأولى لتخليص المنطقة من شر الجماعة، ثم عملت بعض دول الخليج على حظرها، وتصنيفها عصابة إرهابية.لا شك أن الأردن، وطوال السنوات الماضية، كان في عين العاصفة، خصوصاً بعد ما سمي “طوفان الأقصى”، ما جلبته العملية من تدمير لغزة والضفة الغربية، وقتل الآلاف، في محاولة واضحة لتصفية القضية الفلسطينية، وعرقلة حل الدولتين، الذي كان قاب قوسين من التحقق.خلية الفوضى المكتشفة في الأردن، جاءت بعد جهد كبير من الحكم، والعرش تحديداً، لمنع تحويل المملكة ساحة تصفية حسابات إقليمية، خصوصاً ما كشف عن علاقة مباشرة بين “الجماعة” والميليشيات المدعومة من إيران، و”حزب الله”، ومسارعة “حماس” إلى مطالبة عمّان بإطلاق سراح أعضاء الخلية.هذا يكشف الوجه الجديد للمخطط القديم لـ”الإخوان”، فالأردن حلقة وصل ستراتيجية إقليمياً، والجميع يعرف المحاولات المستمرة لزعزعة استقراره وصولاً إلى دول الخليج، لا سيما أن اتفاق “وادي عربة” عام 1994، كان يرمي أساساً إلى جعله منطقة اقتصادية وصناعية عبر شراكة أميركية- أردنية- إسرائيلية، تفتح الطريق إلى شمال أفريقيا العربي، وبقية الشرق الأوسط، وكانت “الجماعة” طوال تلك السنوات تحاول التشويش على أي تقدم في هذا المضمار، أكان من خلال عرقلة نوابها أي قانون يهدف إلى تحصين المملكة، اقتصادياً وتنموياً، أو عبر إثارة الشارع.هذا أفقد الأردن الكثير، لذا عندما تحظر المملكة تلك الجماعة، فإنها تتخلص من عبء كبير، إذ رغم أن الخطوة أتت متأخرة، لكنها أحبطت مخططاً يمس الأمن القومي العربي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى