رأي في الحدث

داهم القحطاني : ما بين ترامب وأوباما.. لم نَضِع

قبل عشرة أعوام بالتمام والكمال، وفي 13 و14 مايو 2015، التقى الرئيس الأمريكي باراك أوباما بزعماء دول مجلس التعاون الخليجي الرافضين للموقف الأمريكي لدول المجلس، فيما يتعلق بمفاوضات الملف النووي الإيراني، وبما شهدت المفاوضات من تقارب أمريكي إيراني غير مسبوق، وبما تم الحديث عنه حول اتفاق أمريكي إيراني تحت الطاولة، ربما يؤثر على دور دول مجلس التعاون الخليجي، رغم تحالفاتها التاريخية مع الولايات الأمريكية المتحدة.

اليوم وبعد عقد من الزمن، وبعد تغيرات جذرية في السياسة الخارجية السعودية، وبعد حقبة تغيير غير مسبوقة في دول مجلس التعاون الخليجي. أتى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للرياض، ليخطب ود الدولة الأهم على مستوى السياسة الدولية، ويطلب منها ومن دول مجلس التعاون الخليجي بأن تكون هي نقطة التحول، ورمانة التوازن، ومفتاح التغيير، ليس فقط في سياسات الشرق الأوسط، بل في معظم قضايا الأمن والاقتصاد في العالم، بدءاً من حل معضلة الحرب في أوكرانيا، مروراً ببناء مرحلة جديدة من الاستقرار في سوريا، وفلسطين، والعراق، واليمن ولبنان.

غابت هنا إيران وطموحها بأن تعود مرة أخرى شرطي للخليج، كما كان شاه إيران محمد رضا بهلوي، وبرزت دول الخليج العربي بزعامة المملكة العربية السعودية، لتكون بحق قاطرة التغيير، وأمل ملايين المواطنين العرب في إقرار الأمن في بلدانهم، كخطوة ضرورية لإصلاح الاقتصادات العربية، وجعلها تحقق الحياة الكريمة والرغيدة للمواطنين العرب بدلاً من تحول الاقتصاد إلى وقود يستخدم في القتال والنزاعات.

ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان كان الشخصية الملهمة في وسط كل ذلك، بمساعيه المتواصلة لتصفير مشاكل بلاده مع الدول الأخرى، وبمبادرات بلاده السياسية والاقتصادية المتواصلة من أجل تخفيف حدة الاحتقانات السياسية، ومعالجة بؤر التوتر.

لسنوات طويلة كانت دول عربية كبرى عدة تلعن العدو الصهيوني صباحاً ومساء، ولكن من دون أن تهز فيه شعرة، فلم يكن لديها مشروع واضح، ولا قدرة سياسية، فكانت المعادلة اجعل معاداة إسرائيل شماعة يُلقى عليها الفشل المتكرر في إدارة الشأنين الداخلي والخارجي.

اليوم دول مجلس التعاون الخليجي، بزعامة السعودية، استطاعت أن تهمّش الدور الإسرائيلي في المنطقة، وتمنع إسرائيل من فرض سياساتها التوسعية على حليفها الأكبر الولايات الأمريكية المتحدة. فكان الخيار بين شرق أوسط مستقر يكون فيه الاقتصاد مدخلاً لدعم الاستقرار، وبين شرق أوسط مليء بالقلاقل والأزمات.

كان اختيار ترامب للشرق الأوسطي الخليجي وبلا تردد، بدلاً من الشرق الأوسطي الإسرائيلي، دليلاً على أن السياسات الخليجية الهادئة والمبتعدة عن الضجيج والشعارات ، كانت هي الخيار الأفضل لدول مجلس التعاون الخليجي.

مكاسب دول الخليج العربي من زيارة ترامب للمنطقة لا تحصى، فإيران تم تهميش نفوذها إلى حد كبير، وإسرائيل لم تعد حليف أمريكا المفضل.

أهلاً بكم في زمن اللحظة الخليجية.

*القبس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى