رأي في الحدث

أحمد الجارالله : سيد ترامب… نريد المنطقة بلا قنابل نووية

بمجرد أن هدّدت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بـ”التخلي عن إسرائيل إذا لم توقف الحرب على غزة”، سرعان ما أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو موافقته على “خطة ترامب للمساعدات”، فماذا يعني ذلك؟اليوم، في البيت الأبيض إدارة جديدة، مختلفة عمّا كانت عليه في ولاية ترامب الأولى، وكذلك عن إدارة بايدن، ولأن الرجل يسعى إلى إحقاق السلام، خصوصاً في الشرق الأوسط، لما في المنطقة من إمكانات تساعد على تحقيق علاقات تجارية وصناعية عابرة للحدود للولايات المتحدة، ولأن دول الخليج خصوصاً، والعالم العربي عموماً، لديها قدرات كبيرة في مجال التنمية، فإن السير في عملية السلام ضرورة أميركية شرق أوسطية قبل كل شيء.لهذا، منذ تصريحاته الأولى في ولايته الثانية، شدّد ترامب على “تحقيق السلام في الشرق الأوسط”، وإيجاد حلول للمشكلات المزمنة.في الوقت نفسه، أدركت إدارته أن استمرار الحرب الاسرائيلية الانتقامية على ما حدث في السابع من أكتوبر عام 2023، لا يمكنها تحقيق أي شيء، بل تعرقل طريق الإنجازات المشتركة بين الولايات المتحدة والحلفاء الخليجيين، وهي أيضاً تقوّض إمكانية وقف الغول الإرهابي في المنطقة، وكذلك سعي بعض الأنظمة غير المرغوبة دولياً إلى امتلاك سلاح نووي، لأن ذلك يهدد السلم العالمي، ويجعل المنطقة “بازاراً” للتوسع في أسلحة الدمار الشامل، ويسيطر عليها قادة بحاجة إلى وعي.ولأن واشنطن تسعى إلى عدم السماح للقوى الاقتصادية المناوئة لها بأن تستحوذ على أسواق جديدة، خصوصاً المعروفة تاريخياً بأنها حليفة لها، فهي منذ العام 1953، جعل وزير خارجيتها، آنذاك، جون فوستر دالاس، يسعى إلى أن تكون المنطقة العربية أشبه بمنطقة حرة للصناعات والتجارة الأميركية، لموقعها الجغرافي الستراتيجي، وخطوط الإمداد التي يوفرها ذلك، ولهذا سرعان ما عملت على وقف العدوان الثلاثي على مصر عام 1956.في المقابل، جميعنا يعرف أن ما حدث بعد ذلك من تطورات وحروب، أخّر تنفيذ المخطط الأميركي، لذلك كانت مساعي السلام والصلح بين العرب وإسرائيل تصطدم دائماً برغبات سياسية شخصية، أحياناً إسرائيلية، ومرات عربية.اليوم، في قول الرئيس الأميركي أن الإدارة ستتخلى عن اسرائيل، هو تطور جديد، لم يسبق أن أُعلن سابقاً، وإذا نظرنا إلى الاتفاقات الموقعة في الرياض والدوحة وأبوظبي، خلال جولة ترامب الأخيرة، والبيانات المشتركة، وخصوصاً في ما يتعلق بحل الدولتين، فإن ذلك يعني تغييراً كبيراً في موقف واشنطن، ويمكن البناء عليه، في اتجاه حل الدولتين.في المقابل، إن معظم الدول العربية استنكرت ما فعلته “حماس” في السابع من أكتوبر، وأدانت قتل المدنيين، كما أن أهل غزة اليوم باتوا أكثر إصراراً على خروج الحركة من حكم القطاع، وهناك إجماع فلسطيني على أن يكون تحت حكم السلطة الوطنية، وهذا لا يمكن أن يتم فيما إسرائيل مستمرة في الإبادة الجماعية، والقتل والدمار غير المبررين، لأن ذلك يعني موت حل الدولتين الذي قبِل به العرب، ويقوّض الجهود الأميركية للسلام في الشرق الأوسط.لا شك أن هذا التطور الأميركي الجديد يؤسس لمسار آخر، لا سيما في ظل وجود إمكانات هائلة لجعل الإقليم العربي، الذي يضم مئات الملايين من البشر والأغلبية منهم شابة، منطقة ازدهار تخدم المصالح الأميركية والغربية، وتنهي صراعاً مستمراً منذ 77 عاماً، وتجلب السلام والاستقرار إلى العرب والإسرائيليين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى