أحمد الجارالله : مقتل إسرائيل ليس بالحرب بل بالسلام
في ذكرى النَّكبة أو التقسيم، كما في الثقافة العربية، والاستقلال، من وجهة النظر الإسرائيلية، وتحت النار المُستعرة في قطاع غزة، والانتفاضة في مناطق عرب الـ48، تعود الحقيقة إلى الواجهة، وهي أن لا مفرَّ من السلام والاتفاق؛ كي يخرج الفلسطينيون من الأتون الذي تدخلهم فيه كلَّ فترة شلةٌ مرتزقةٌ تعمل لأجندة خارجية في غزة.
منذ عام 1948 وإلى اليوم، رفع شعار التحرير، وبدلاً من الاكتفاء بالمناطق التي حصلت عليها إسرائيل، وفقاً للقرار الدولي 181، توسَّعت تلك لتضمَّ كلَّ فلسطين، فيما الفلسطينيون تشتتوا في العالم؛ لأن لا أحد من العرب والفلسطينيين نظر إلى الأمر بواقعية، بل أخذهم الغرور أنهم سيُحررون ما سلب، ليتضح أن ذلك يتم بالشعارات فقط، والانتصارات الكاذبة التي حين ينجلي الوضع تظهر فظاعة المأساة، فيزداد الفلسطيني تشرداً وفقراً وعوزاً وضعفاً، وتزداد إسرائيل قوة، في ظل دعم أوروبي وغربي وأميركي غير محدود.
اليوم وفي ظلِّ المأساة التي يعيشها أبناء قطاع غزة، وتلك المقتلة التي تسبب بها مغامرون يُتاجرون بدماء العزل، فيما هم يعيشون في دول أخرى، تماماً مثل خالد مشعل وإسماعيل هنية، اللذين يتبجحان من الدوحة بالمقاومة ويشتمان دول الخليج العربية، فيما هما وأولادهما خارج دائرة النار، بات من الضروري جلوس الجميع إلى طاولة مفاوضات، وفقاً للحل الذي قدَّمته الإدارة الأميركية الجديدة بإقامة دولتين؛ لأن لا مخرج غيره.
لقد ضيَّع العربُ الفرص الكثيرة، بل خوّنوا من دلّهم على الطريق القويم، بدءاً من الحبيب بورقيبة، مروراً بالراحل أنور السادات، وليس انتهاءً بالعُقلاء العرب، الذين رأوا أنَّ الخروج من النفق يحتاج إلى ضوء السلام الذي وحده يوقف العربدة الإسرائيلية.
ففي ظلِّ العجز العربي عن اقتلاع إسرائيل من الوجود لا بد من العودة إلى العقل، والأخذ بمُبادرة الرئيس المصري الراحل أنور السادات، الذي استرجع بالسلام سيناء وقناة السويس وآخر شبر من أراضي بلاده المحتلة.
قال لي في حديث صحافي، رحمه الله: “المهم أن يُوقع اليهود اتفاقاً، فهو يضع نهاية إسرائيل وليس الحرب، التي هي من تسعى إليها؛ لتبقي تعاطف العالم معها، بتصويرها نفسها أنها مظلومة”، أضاف: “أنا لا أحارب إسرائيل، بل الولايات المتحدة، التي تقدم إليها السلاح والعتاد، وكذلك أوروبا، ولو كنت أحارب إسرائيل وحدها لانتهت الأزمة منذ سنوات”.
صحيح أن إسرائيل تضرَّرت من القصف، وهي تخسر يومياً، لكن ذلك لا يؤثر فيها بقدر تأثيرها هي بالفلسطينيين، الذين عليهم ألا يُدخلوا أمتهم بحرب جديدة ليست قادرة على حسمها، لذا لا حلَّ لقضيتهم إلا بالسلام، الذي يُصغر إسرائيل ويُكبر العرب.