أحمد الجارالله : روحاني ورئيسي … وانتقام البعير
سريعاً كشف الرئيس الإيراني المنتخب إبراهيم رئيسي خفايا سياسته لسنوات حكمه المقبلة، لذا أصدر في أول مؤتمر صحافي حكماً بالإعدام على أي بارقة أمل بتحسين علاقات بلاده مع دول الجوار، التي إذا سارت بالشكل الجيد ساعدت على إعادة بناء الثقة دولياً بإيران، أما إذا استمرت على ما هي عليه فلا تغيير للواقع الصعب الذي يعيشه 80 مليون إيراني بسبب سياسات النظام العدوانية.
في أول تصريحاته قال الرئيس المنتخب:” لا نمانع في عودة العلاقات الديبلوماسية مع السعودية وإعادة فتح السفارتين لدى البلدين”.
في العنوان يبدو الكلام طيباً، لكن مضمونه مغمس بالسم الزعاف لا سيما حين أردف قائلاً:” ينبغي إيقاف السعودية هجماتها التي تستهدف المدنيين والبنى التحتية في اليمن”.
تناسى القاضي الذي ترسم جهات ومنظمات حقوقية دولية علامات استفهام كثيرة بشأن دوره في حفلات إعدام المعارضين، أن “حرسه الثوري” الذي انتخبه هو من يدير العمليات الإرهابية ضد المدنيين في المدارس والمنشآت الاقتصادية والأماكن المقدسة في السعودية، فيما الرياض تدافع عن نفسها بالوسائل المشروعة المكفولة دولياً، وبالتالي إذا كان هناك من مسؤول عن سفك الدماء في اليمن والسعودية فهو نظام الملالي، وهو من عليه وقف هجماته على المملكة وتهديداته لدول الخليج العربية.
ست سنوات ونيف من الإرهاب الإيراني ورغم ذلك يأتي الرئيس المعاقب دولياً ليسدي النصائح، فيما هو ونظامه أولى بها، إذا أراد علاقات حسن جوار مع جيران ما زالوا منذ 42 عاماً يتلقون سهامه المسمومة تحت عنوان”تصدير الثورة” التي هي مشروع توسعي لتشييع الإقليم وفق النهج الصفوي الذي أرساه الشاه اسماعيل في القرن السادس عشر بالقوة وقتله نحو مليوني نسمة من الذين رفضوا الدخول في المذهب الجديد.
لقد عملت إيران بعد الانقلاب على الشاه محمد رضا بهلوي بقيادة الخميني بالنهج ذاته، فقد استهلت حكومة الانقلاب حكمها بمحرقة حرب مع العراق استمرت ثماني سنوات، قُتِل وجُرِح وتهجر فيها نحو أربعة ملايين عراقي وإيراني، فيما تكبد البلدان نحو 600 مليار دولار خسائر.
طوال العقود الماضية كرّست الطغمة الحكامة في إيران سياسة التدخل بشؤون الدول العربية، بدءا من لبنان الذي جعلته مزرعة خربة تتحكم فيه عصابة مأجورة، مروراً بالعراق الذي مارست مع شعبه سياسة الانتقام، وصولاً إلى سورية التي نهبت ثرواتها وقتلت شعبها، واليمن، إضافة إلى عملياتها الإرهابية والتجسسية في الكويت والسعودية والبحرين وبقية دول “مجلس التعاون”، ناهيك عن عمليات التشييع في المغرب ومصر وبعض دول افريقيا التي تنظمها الاستخبارات الإيرانية سعياً إلى بناء شبكات تجسس في تلك الدول.
ثمة من راهن على تغيير الإدارة الأميركية نهجها في التعامل مع نظام طهران، خصوصاً بعد التضليل الممنهج الذي اتبعته إدارة حسن روحاني بشأن مفاوضات فيينا وإعلانها شبه اليومي عن إحراز تقدم كبير فيها، وآخرها الزعم برفع العقوبات عن النفط الإيراني، فيما يقابل ذلك بإجراءات عقابية أميركية تكشف التزييف ،لاسيما حظر الأبواق الإلكترونية ومواقع المؤسسات الإيرانية التي تروج للنظام الإرهابي.
فالمجتمع الدولي يدرك جيداً أن هذا النظام الذي ولد بالقتل وعاش على الدماء في الداخل أو المحيط وحتى العالم، لا يمكنه الخروج من جلده، لذا كانت مفضوحة جداً دعوة إبراهيم رئيسي إلى عودة العلاقات مع السعودية، فلو كانت صادقة كان يجب أن تمر عبر وقف العدوان على المملكة، وليس من خلال قتل اليمنيين بالخناجر الإيرانية ومن ثم التباكي عليهم.