رأي في الحدث

فوزية رشيد : وتبقى مصالح الوطن فوق كل اعتبار!

‭{‬ لم يستغرق الأمر في الحدث الأردني إلاّ أياما معدودة، حتى بدا أن الأمر قد تم احتواؤه في شقه الملكي، والباقون قيد التحقيق، وبذلك تم نزع فتيل أزمة لا يزال يلفها الغموض، وتفويت الفرصة على من يتصيّد في الماء العكر! حين وكّل «الملك عبدالله» ملك الأردن عمّه الأمير «الحسن بن طلال» للتعامل مع الأمر بما يخص أخيه غير الشقيق الأمير «حمزة بن الحسين»، في القضية المثارة مؤخراً في الأردن كحدث أمني هدفه زعزعة الاستقرار، فإن الشعب الأردني تنفس الصعداء مدركاً رمزية الأمير «الحسن» وقدرته المرجعية للعائلة الحاكمة على احتواء الموقف، لما له من خبرة واسعة وثقافة ووزن فكري، وهذا ما حدث! كانت مجرد ساعات فاصلة حتى ظهرت إلى الإعلام الأردني والعالمي رسالة موقعة من الأمير «حمزة» يعلن فيها: (أضع نفسي بين يدي جلالة الملك والالتزام بالدستور والحفاظ على أمن الأردن)، مضيفا: (لا بدّ أن تبقى مصالح الوطن فوق كل اعتبار، وأن نقف جميعاً خلف جلالة الملك في جهوده لحماية الأردن ومصالحه الوطنية وتحقيق الأفضل للشعب الأردني، التزاما بإرث الهاشميين). وهكذا طُويت صفحة وفتحت صفحة أخرى بما يتعلق بالأمير «حمزة» وحيث حظي الأسلوب الذي تعامل معه العاهل الأردني مع أخيه، وإيجاد حلّ للخلاف ضمن العائلة الهاشمية، بردود فعل شعبية إيجابية وفرح في الأردن عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

‭{‬ الأردن له مكانة خاصة ومهمة بما يتعلق بالوضع الفلسطيني والقدس والمسجد الأقصى، والموقف من «صفقة القرن» التي رفضها الملك عبدالله، وبما يتعلق باللاجئين السوريين، رغم صعوبة أوضاع البلد الاقتصادية، بل وبما يتعلق بالعراق ومدّ الحبال إليه، وحيث القمة الثلاثية (مصر والأردن والعراق) على الأبواب، مثلما وضعه مؤثر في المحيطين العربي والإقليمي بل والدولي، بما يجعل حسمه للأمور الأمنية ضرورة وطنية وعربية، وخاصة في هذه المرحلة العربية الحرجة، وحيث لا مجال للتساهل بأي شكل مع شؤونه الأمنية وشؤون استقراره واستقرار الإقليم كله أو تعرض العائلة الهاشمية لأي صدامات داخلية، أو تعريض علاقتها الحميمة كعائلة مالكة وحاكمة مع شعبها لأي انفصام!

ولذلك جاء التعامل الملكي الحكيم مع الأمير «حمزة» بعد الاتهامات التي تم توجيهها إليه في بيان الحكومة على لسان «الصفدي» وقد اتسم بالعقلانية والحصافة، حتى لا تنفرط الخيوط الرفيعة التي تحكم العلاقات بين أفراد العائلة الملكية، وبينها وبين الشعب الأردني الذي يتسم بشكل واضح بولائه وحبه للعائلة الهاشمية. ولأن (مصلحة الوطن فوق كل اعتبار) جاءت الاستجابة السريعة من الأمير «حمزة» لرأب الصدع وحيث استقرار الأردن ككل مرتبط به في الأزمة الأخيرة!

‭{‬ السؤال الحيوي الآن: هل انتهت الأزمة في الأردن؟! هل كان الصخب الإعلامي العربي والدولي وقبلهما الأردني «زوبعة في فنجان» كما سماها البعض؟!

لا شك أن رسالة الأمير «حمزة» أطفأت مساحة واسعة من نيران التأويلات المشتعلة، وأنهت إشكاليته الخاصة من خلال التزامه بنهج الأسرة الملكية أو تغليب مصالح الوطن على اي اعتبار آخر، بل أسهمت رسالته في نزع فتيل من أراد استغلال آرائه وجعلها رأس حربة للإضرار بأمن واستقرار الأردن!

وبهذا الاحتواء الملكي، سواء للإشكالية في الأسرة المالكة أو للقضية الأمنية بعناصرها الأخرى التي هي قيد التحقيق، يبدو أنه تم إقفال باب خطير، وثغرة أخطر كادت تسبّب صدعاً كبيراً في العائلة الملكية، وانعكاس ذلك الصدع على الشعب الأردني، واحتمالات انقسامه أو اصطفافه من خلال دخول المتربصين لتصعيد السخط الداخلي، الذي هو زاد كل من ينوي شراً بوطنه!

يبقى بعد هذا أهمية الالتفات الجادّ إلى كل القضايا الشعبية، والملفات المتعلقة بالاقتصاد والفقر والبطالة ومعيشة المواطنين، حتى يتم سدّ آخر الأبواب التي من خلالها ينسل المتربصون! وتبقى دائما مصالح الوطن فوق كل اعتبار وفي كل مكان!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى