رأي في الحدث

أحمد الجارالله: إعمار غزة وليس جيوب قادة “حماس”

من السهل شن الحروب، لكن من الصعب جداً إعادة إعمار ما دمّرته، لا سيما في منطقة منبوذة دولياً مثل قطاع غزة، حيث تسيطر حركة “حماس” المصنفة إرهابية، أميركياً ودولياً، وعلى هذا الأساس جاء الموقف الأميركي الحازم، وعلى لسان الرئيس جو بايدن بقوله: “سنمنع “حماس” من الاستفادة من أموال إعادة إعمار القطاع، وسنحشد الدعم الدولي اللازم لإعمار غزة”.
لقد كان واضحاً منذ يوم الجمعة الماضي أن هذه المنظمة التي تعمل وفقاً للتوجيهات الايرانية تدرك أن أوراق الضغط التي مارستها في الحرب لم تعد صالحة لزمن الهدنة والمفاوضات على أساس المبادرة الأميركية القائمة على إقامة دولتين، ولذا حاول القيادي “الحمساوي” خالد مشعل قطع الطريق على مشروع الدعم بقوله: “إن الحركة تتمسك بتوجيه الأموال لإعادة إعمار قطاع غزة عبر قنواتها”، مكملاً بذلك الجزء الناقص من الصورة الذي أعلنه رئيس المكتب السياسي إسماعيل هنية في خطابه الأخير بـ “سنعمل على إعادة إعمار غزة بجهود الخيّرين من العرب”.
الخيّرون من العرب الذين تحدث عنهم هنية هم الذين أحرق مناصرو “حماس” صورهم في بعض العواصم العربية، أي دول الخليج، التي غمطها قادة الفصائل الفلسطينية في غزة حقها بعد عقود من الدعم المالي والسياسي، وردوا فضل إنجازاتهم، إذا كانت هناك إنجازات، إلى إيران التي وظفتهم في مشروعها التوسعي، وزودتهم ببضعة صواريخ كي يقصفوا بها إسرائيل حين جاءت إليهم الأوامر من طهران.
لا شك أن موقف الإدارة الأميركية من أنها “ستنسق مع دول الخليج والجهات المانحة لإيصال الأموال عبر الأمم المتحدة والسلطة الفلسطينية إلى المتضررين”، هو ما تحتاجه غزة فعلاً، وهذا لن يكون إلا وفقاً لصندوق دولي بإشراف الأمم المتحدة كي لا تذهب الأموال، كالعادة، إلى جيوب تجار الدم في القطاع.
قد يكون أدرك الذين في قلبهم مرض أن لا حل للقضية إلا من خلال مرجعيات السلام الدولية، وأي مشاغبة في هذا الأمر ستزيد من عبء المشكلات التي يعانيها القطاع، لأن المجتمع الدولي الذي أيَّد “حق إسرائيل بالدفاع عن نفسها” لن يرضى أن تقود جماعات إرهابية تلك المسيرة، ولن يسمح لها بعرقلتها.
لذا، اتجهت الأنظار إلى رام الله، حيث السلطة المعترف بها دولياً لتحدد الوجهة الواجب السير بها، ولقد عبرت عن موقفها بوضوح عبر وزير خارجيتها رياض المالكي بقوله: “إن مواقف الإدارة الأميركية تأتي في الاتجاه الصحيح ويمكن البناء عليها، والجانب الفلسطيني يتعامل بإيجابية مع المواقف والتوجهات الأميركية لتحقيق السلام وفقاً للمرجعيات الدولية، وفي مقدمها مبدأ حل الدولتين مقابل السلام”.
وفقاً لهذه الحقيقة، على كل أذناب “الإخوان” في الدول العربية، ومنها الكويت، أن يتوقفوا عن إحراج دولهم بدفعها عمداً إلى مواقف متطرفة تمس علاقاتها الدولية، وتظهرها بموقف الداعم للإرهاب، وليخرجوا من قمقم أن “لا تطبيع مع إسرائيل”، ويعرفوا أن التطبيع آتٍ لا محالة، ومن لا يصعد قطاره سيُدهس تحت عجلات النبذ والعزل الدوليين، ولذلك لن يكون إعمار غزة بأموال خليجية تذهب إلى جيوب “أبو الليل” و”أبو نازح”، و”أبو لاجئ”، ليكرروا المذبحة التي افتعلوها أخيراً في غزة كي يرفعوا من أسهم نظام الملالي وجماعة “الإخوان” عربياً، بل ستذهب إلى أهل غزة الذين لا شك أدركوا اليوم حجم الجريمة الفظيعة التي ارتكبتها “حماس” ضدهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى