تقارير

كيف انتقل آبي أحمد من جائزة نوبل للسلام إلى حرب تيغراي؟

*بالنسبة لبعض الأورومو ، بدأ الصراع مع آبي أحمد، بعد حصوله على جائزة نوبل، عندما افتتح قصرًا تم تجديده للإمبراطور منليك الثاني في القرن التاسع عشر، مشيرة إلى أن العديد من الأورومو يتذكرون مينليك باعتباره أحد أمراء الحرب، الذين شوهت قواتهم نساء الأورومو.

في أقل من 3 أعوام، تحول رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، من زعيم حائز على أرفع جوائز السلام، جائزة نوبل للسلام لعام 2018، إلى متهم بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان، يوشك حكمه على السقوط، تحت ضربات المعارضة المسلحة، بعد إعلانها الزحف نحو العاصمة أديس أبابا.

وسلَّطت شبكة بلومبرغ الأمريكية، الضوء على التحول الدراماتيكي الكبير في حياة الزعيم الإثيوبي، من الحصول على جائزة دولية في السلام، إلى اتهامه بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان في إقليم تيغراي.

تحول دراماتيكي

ونقلت الشبكة الأمريكية عن مراقبين، قولهم، إن آبي أحمد فشل في التغلب على الانقسامات العِرقية، التي التهمت ثاني أكبر دولة في إفريقيا منذ ستينيات القرن الماضي، مشيرين إلى أنه الآن بعد عزله من قِبل الولايات المتحدة وأوروبا، يبدو مستقبله أكثر هشاشة.

ومر شهر واحد فقط على فوز آبي أحمد في الانتخابات، وأقل من عام منذ إعلانه الانتصار العسكري على جبهة تحرير شعب تيغراي، الحزب العِرقي الذي تهدد قواته الآن أديس أبابا.

لقد مر عامان فقط، منذ أن فاز الضابط العسكري السابق بجائزة نوبل للسلام، لتوقيعه معاهدة سلام مع إريتريا المجاورة، لإنهاء الجمود الذي أعقب حرب الحدود لأعوام.

 وفي ذلك الوقت، جرى الترحيب به في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، باعتباره أفضل أمل لجلب الديمقراطية والنمو الاقتصادي في إثيوبيا، وكذلك لنشر الاستقرار في منطقة مضطربة تمتد من السودان إلى الصومال.

تعثر الإصلاحات

وأشارت “بلومبرغ” إلى أن إصلاحات آبي أحمد تعثرت منذ اندلاع الحرب بين الحكومة المركزية وإقليم تيغراي، موضحة أن الأمر لا يقتصر على استيلاء الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي الآن، على مساحات شاسعة من الأراضي التابعة للقوات الفيدرالية المتجاوزة، بل يمكن أن تتكشف حرب أهلية أوسع نطاقاً، إذ انضم جيش تحرير أورومو ، وهو قوة حرب عصابات من أنصار سابقين من عِرق الأورومو، إلى الهجوم على الحكومة.

ونقلت الشبكة عن ويليام دافيسون، كبير محللي إثيوبيا في مجموعة الأزمات الدولية، وهي مؤسسة فكرية مقرها بروكسل، قوله: “لقد ورث آبي أحمد دولة هشة، وكان التعامل مع قضايا مثل مطالب الأورومو القومية، والاحتجاجات التي أوصلته إلى السلطة، تحديًا كبيرًا بالنسبة له”، مضيفًا، أن “القيام بكل ذلك من دون التسبب في احتكاك، يتطلب الكثير من المهارة السياسية، وهو ما أثبت رئيس الوزراء عدم امتلاكه”.

ويتابع دافيسون، الذي طردته الحكومة الإثيوبية من البلاد، من دون تفسير، أن إنشاء دولة قومية موحدة أكثر من دولة ممزقة عِرقيًا -وهي عملية يسميها آبي أحمد “التآزر”- كانت تحظى بالدعم في البداية، لكنه “حاول إنشاء حزب حول نفسه، لاستبعاد أي شخص لديه آراء مختلفة، وإعادة إثيوبيا إلى نظام يجرم الكثير من المعارضة”.

حمام دم

وحذرت “بلومبرج” من (حمامات دم) الأيام المقبلة، مع المواجهة المباشرة بين مقاتلي الأورومو وتيغراي من جهة، والقوات الحكومية على مشارف العاصمة أديس أبابا من جهة أخرى.

ونقلت الشبكة عن رجل أعمال في الأربعينيات من عمره، يدير شاحنات إلى أمهرة -المقاطعة الواقعة شمال العاصمة التي تحتلها الآن الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي- الذي طلب عدم كشف هويته، قوله: “حتى في أديس أبابا، فإن الانقسامات العِرقية ستجعل أي محاولة للدفاع المدني (حمام دم)”.

ورأى أن دعوة الحكومة للمواطنين لتسجيل الأسلحة، وإن تبدو ظاهريًا أنها للسماح لمن لديهم “أسلحة قانونية” لحماية أسرهم، إلا أن الحقيقة هي محاولة لنزع سلاح السكان وتجنُّب القتال داخل مجموعات مختلفة في المدينة.

وأشارت “بلومبرغ” إلى أن بذور الصراع زُرعت في إثيوبيا مبكرًا بين إقليم تيغراي وآبي أحمد، بعد اتفاق السلام مع إريتريا ، الذي رآه شعب الإقليم تحالفًا عسكريًا بين آبي أحمد والعدو اللدود لجبهة التحرير الشعبية لتحرير تيغراي، الرئيس الإريتري أسياس أفورقي، مبينة أن القوات الإريترية لعبت في ما بعد دورًا مركزيًا، في العمليات العسكرية للحكومة في تيغراي.

وأضافت الشبكة الأمريكية، أنه بالنسبة لبعض الأورومو ، بدأ الصراع مع آبي أحمد، بعد حصوله على جائزة نوبل، عندما افتتح قصرًا تم تجديده للإمبراطور منليك الثاني في القرن التاسع عشر، مشيرة إلى أن العديد من الأورومو يتذكرون مينليك باعتباره أحد أمراء الحرب، الذين شوهت قواتهم نساء الأورومو.

واستدركت الشبكة: “يبدو أن الأورومو رأوا -مثل الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي- مناشدات آبي أحمد للوحدة، محاولة ساخرة منه لمركزية السلطة”.

نقطة تحول

ونقلت “بلومبرغ” عن أوول ألو، المحاضر البارز في جامعة كيلي في المملكة المتحدة، أحد المؤيدين المخلصين لآبي أحمد في أيامه الأولى، قوله: “لقد خان آبي أحمد قضية أورومو القومية، فبينما كان يستحضر هذه الأفكار الليبرالية للاقتصاد والديمقراطية، كان أيضًا يعزز سلطته”.

وأوضح، أن هناك نقطة تحول حدثت في ديسمبر 2019، عندما حل آبي أحمد التحالف الحاكم السابق ذي الأساس العِرقي، المعروف بالجبهة الديمقراطية الثورية للشعب الإثيوبي، مشيرًا إلى أنه كان لحزب الازدهار الذي أنشأه مكانه رؤية إثيوبية عامة، ونتيجة لذلك، لم يكن لديه أيضًا فرصة تذكر للتنافس ضد الأحزاب القومية، التي تهيمن على 10 مقاطعات إثنية في إثيوبيا.

وقال ألو: إن ذلك أجبر رئيس الوزراء على قمع المعارضة ومركزة السلطة بشكل أكبر.

وأشارت الشبكة الأمريكية، إلى أن الصراع اندلع بعد أن أرجأ آبي أحمد الانتخابات المقرر إجراؤها العام الماضي، مستشهدًا بوباء كورونا، بينما قررت جبهة تحرير شعب تيغراي المضي قدمًا في التصويت، رغم قرار رئيس الوزراء بالتأجيل.

جرائم حرب

وأوضحت الشبكة، أنه نتيجة للصراع المحتمل، نشرت الأمم المتحدة تحقيقًا اتهم القوات الحكومية -وكذلك جبهة تحرير تيغراي وقوات آبي أحمد المجندين من إريتريا- بارتكاب انتهاكات قد تصل إلى جرائم، حرب خلال الصراع الذي دام عامًا.

وأشارت إلى أن الولايات المتحدة علقت الدخول المعفى من الرسوم الجمركية للصادرات الإثيوبية، بينما كان الاتحاد الأوروبي قد خفض مساعدات الميزانية أواخر العام الماضي، بعد هروب المستثمرين.

كما فرضت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن في مايو الماضي، عقوبات واسعة النطاق على إثيوبيا بسبب عنف تيغراي، وحثت صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والمقرضين متعددي الأطراف، على وقف تعاملهم مع إثيوبيا.

يذكر أن العائد على سندات اليوروبوند الإثيوبية، التي تبلغ مليار دولار، حققت أعلى مستوى لها منذ أكثر من عامين، وتراجعت عملتها 12% مقابل الدولار، وهو أسوأ أداء بين 20 عملة إفريقية ترصدها “بلومبرغ”.

واختتمت بلومبرغ تقريرها بالقول: إن آبي أحمد لا يزال في السلطة وقد يستمر، لكن تحليلًا عسكريًا أجرته مجلة جينس، المتخصصة في شؤون الدفاع، قدَّر أن إطاحته كانت مرجَّحة بشكل متزايد، ما لم يتفاوض مع المتمردين، الذين وصفهم بأنهم إرهابيون.

وأشارت إلى أن رئيس الوزراء الإثيوبي قدَّم إشارات قليلة على القيام بذلك، قائلاً في بيان لإحياء ذكرى بدء الصراع في تيغراي: “سندفن هذا العدو بدمائنا وعظامنا، ونرتقي بكرامة إثيوبيا”.

*السياق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى