رأي في الحدث

عبدالمنعم ابراهيم : شيطان الإرهاب واحد.. لا يوجد (هذا أحبه) و(هذا أكرهه)

هناك‭ ‬فهمٌ‭ ‬خاطئ‭ ‬لدى‭ ‬الغرب‭ ‬وبعض‭ ‬العرب‭ ‬لمصادر‭ ‬الإرهاب‭ ‬في‭ ‬‮«‬الشرق‭ ‬الأوسط‮»‬،‭ ‬أو‭ ‬لنقل‭ ‬هناك‭ ‬مواقفُ‭ ‬مزدوجةٌ‭ ‬غير‭ ‬منطقية‭ ‬إزاء‭ (‬الإرهابيين‭) ‬فهم‭ ‬يعتبرون‭ (‬الإرهابَ‭) ‬محصورًا‭ ‬في‭ ‬الجماعاتِ‭ ‬المتطرفةِ‭ (‬السنيَّة‭)! ‬بينما‭ ‬تتماهى‭ ‬وتبرر‭ ‬للجماعات‭ ‬الإرهابية‭ (‬الشيعية‭) ‬خصوصا‭ ‬الموالية‭ ‬لإيران‭! ‬وقد‭ ‬شكَّلت‭ ‬أمريكا‭ (‬تحالفا‭ ‬عسكريا‭ ‬دوليا‭) ‬بقيادتها‭ ‬لمحاربة‭ (‬داعش‭) ‬في‭ ‬العراق‭ ‬وسوريا،‭ ‬وهو‭ ‬بلا‭ ‬شك‭ ‬تنظيمٌ‭ ‬إرهابي‭ ‬متطرف‭ ‬ودموي‭ ‬لا‭ ‬خلاف‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬ولكن‭ ‬هذا‭ (‬التحالف‭ ‬الدولي‭ ‬العسكري‭) ‬الذي‭ ‬تقوده‭ ‬أمريكا‭ ‬لا‭ ‬يصوِّب‭ ‬بنادقه‭ ‬وصواريخه‭ ‬وطائراته‭ ‬المسيرة‭ ‬نحو‭ ‬مليشيات‭ (‬الحشد‭ ‬الشعبي‭ ‬العراقي‭) ‬الموالية‭ ‬لإيران‭ ‬في‭ ‬العراق،‭ ‬والتي‭ ‬بات‭ ‬معروفًا‭ ‬أن‭ ‬كثيرا‭ ‬من‭ ‬هجمات‭ ‬هذه‭ ‬المليشيات‭ ‬الطائفية‭ ‬المسلحة‭ ‬ضد‭ ‬القوات‭ ‬الأمريكية‭ ‬والأجنبية‭ ‬الأخرى‭ ‬في‭ ‬التحالف‭ ‬تأتي‭ ‬من‭ ‬إيران،‭ ‬وقد‭ ‬تورَّطت‭ ‬مؤخرا‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬اغتيال‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ (‬مصطفى‭ ‬الكاظمي‭) ‬بقصف‭ ‬منزله‭ ‬في‭ ‬بغداد‭ ‬بثلاث‭ ‬طائرات‭ ‬مسيرة‭ ‬مفخخة،‭ ‬اعترضت‭ ‬القواتُ‭ ‬الأمنية‭ ‬العراقية‭ ‬اثنتين‭ ‬منهما‭.‬

الآن‭ ‬العراق‭ ‬وسوريا‭ ‬لا‭ ‬يتهددُ‭ ‬أمنهما‭ ‬من‭ ‬قبل‭ (‬داعش‭) ‬فقط،‭ ‬ولكن‭ ‬أيضًا‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المليشيات‭ ‬الطائفية‭ ‬الإرهابية‭ ‬المدعومة‭ ‬من‭ ‬إيران‭ ‬أيضًا‭.. ‬فكلا‭ ‬الطرفين‭ ‬إرهابيٌّ‭.. ‬ففي‭ ‬تقرير‭ ‬نشرته‭ (‬فرانس‭ ‬برس‭) ‬يوم‭ ‬أمس‭ ‬جاء‭ ‬فيه‭: (‬تؤوي‭ ‬المخيمات‭ ‬التي‭ ‬تحت‭ ‬سيطرة‭ ‬الإدارة‭ ‬الذاتية‭ ‬الكردية‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬شرق‭ ‬سوريا‭ ‬62‭ ‬ألفا‭ ‬من‭ ‬قاطني‭ ‬مخيم‭ ‬الهول‭ ‬في‭ ‬محافظة‭ ‬الحسكة،‭ ‬ثلثاهم‭ ‬دون‭ ‬سن‭ ‬18‭ ‬عامًا،‭ ‬بينما‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬نصفهم‭ ‬دون‭ ‬12‭ ‬عامًا‭ ‬في‭ ‬ظروف‭ ‬يُرثى‭ ‬لها،‭ ‬داخل‭ ‬منشآت‭ ‬هشة،‭ ‬وغالبًا‭ ‬ما‭ ‬تفتقد‭ ‬إلى‭ ‬إجراءات‭ ‬أمنية‭ ‬محكمة،‭ ‬وبين‭ ‬هؤلاء‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬النساء‭ ‬والأطفال،‭ ‬ممن‭ ‬يتدربون‭ ‬على‭ ‬كره‭ ‬الغرب،‭ ‬ويمكن‭ ‬أن‭ ‬يشكل‭ ‬بعضهم‭ ‬الجيل‭ ‬المقبل‭ ‬من‭ ‬مقاتلي‭ ‬التنظيم‭ ‬المتطرف‭ (‬داعش‭)‬،‭ ‬وتتردد‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬يوجد‭ ‬رعاياها‭ ‬في‭ (‬مخيم‭ ‬الهول‭) ‬في‭ ‬سوريا،‭ ‬وخصوصًا‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬في‭ ‬استعادة‭ ‬مواطنيها‭ ‬وتسليمهم‭ ‬إلى‭ ‬نظمها‭ ‬القضائية‭).‬

حقًا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يتحول‭ ‬قاطنو‭ ‬مخيم‭ ‬الهول‭ ‬من‭ ‬النساء‭ ‬والأطفال‭ ‬والرجال‭ ‬إلى‭ ‬مخزن‭ ‬حقيقي‭ ‬لمقاتلي‭ ‬تنظيم‭ (‬داعش‭ ‬الإرهابي‭) ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬والعراق‭.. ‬62‭ ‬ألفَ‭ ‬شخص‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬المخيم‭ ‬رقمًا‭ ‬ليس‭ ‬بسيطًا‭ ‬للإرهاب‭.. ‬لكن‭ ‬ماذا‭ ‬عن‭ ‬مليشيا‭ ‬الحشد‭ ‬الشعبي‭ ‬العراقي‭ ‬الموالين‭ ‬لإيران‭ ‬والذي‭ ‬يُقدر‭ ‬عددهم‭ ‬بـ120‭ ‬ألف‭ ‬مقاتل؟‭ ‬وهم‭ ‬يشكلون‭ ‬تهديدًا‭ ‬حقيقيًا‭ ‬للدولة‭ ‬والجيش‭ ‬العراقي‭.. ‬ماذا‭ ‬عن‭ ‬100‭ ‬ألف‭ ‬مقاتل‭ ‬يمتلكهم‭ (‬حزب‭ ‬الله‭ ‬اللبناني‭) ‬والذي‭ ‬هدد‭ ‬بهم‭ (‬حسن‭ ‬نصر‭ ‬الله‭) ‬مؤخرًا‭ ‬خصومه‭ ‬السياسيين‭ ‬والشعب‭ ‬اللبناني؟‭!‬

ماذا‭ ‬عن‭ ‬مئات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬المقاتلين‭ ‬والمرتزقة‭ ‬والأطفال‭ ‬الذين‭ ‬يجندهم‭ (‬الحوثيون‭) ‬الموالون‭ ‬لإيران‭ ‬في‭ ‬اليمن؟‭.. ‬ماذا‭ ‬عن‭ ‬مئات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬المرتزقة‭ ‬التي‭ ‬تجندهم‭ ‬إيران‭ ‬والحرس‭ ‬الثوري‭ ‬الإيراني‭ ‬من‭ ‬مقاتلين‭ ‬إيرانيين‭ ‬وأفغان‭ ‬وباكستانيين‭ ‬وعراقيين‭ ‬للقتال‭ ‬في‭ ‬سوريا؟‭!‬

كل‭ ‬هؤلاء‭ ‬المرتزقة‭ ‬والإرهابيين‭ ‬لا‭ ‬يوجه‭ (‬التحالف‭ ‬الدولي‭) ‬بقيادة‭ ‬أمريكا‭ ‬نحوهم‭ ‬بنادقه‭ ‬وصواريخه‭ ‬وطائراته‭.. ‬فالتحالف‭ ‬يعنى‭ ‬فقط‭ ‬بمواجهة‭ ‬التنظيم‭ ‬الإرهابي‭ (‬داعش‭)! ‬وتبدو‭ ‬الصورة‭ ‬أكثر‭ ‬في‭ ‬المقابل‭ ‬مع‭ ‬ضحايا‭ ‬الإرهاب،‭ ‬حين‭ ‬نجد‭ ‬أن‭ ‬أمريكا‭ ‬والعديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬وبريطانيا‭ ‬لا‭ ‬يصنفون‭ ‬الإنقلابيين‭ ‬الحوثيين‭ ‬على‭ ‬أنهم‭ (‬جماعة‭ ‬إرهابية‭)! ‬بينما‭ ‬يموت‭ ‬عشرات‭ ‬الأطفال‭ ‬والنساء‭ ‬والشيوخ‭ ‬بأسلحة‭ ‬الحوثيين‭ ‬في‭ ‬معارك‭ (‬مأرب‭) ‬حاليًا‭! ‬بل‭ ‬هناك‭ ‬دول‭ ‬أوروبية‭ ‬بينها‭ ‬فرنسا‭ ‬لم‭ ‬تصنف‭ (‬حزب‭ ‬الله‭ ‬اللبناني‭) ‬منظمة‭ ‬إرهابية‭! ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬رغم‭ ‬ضلوع‭ ‬عناصر‭ ‬الحزب‭ ‬وخبرائه‭ ‬العسكريين‭ ‬في‭ ‬تدريب‭ ‬الإرهابيين‭ ‬الحوثيين‭ ‬على‭ ‬صناعة‭ ‬الصواريخ‭ ‬والمتفجرات‭ ‬والألغام‭ ‬البرية‭ ‬والبحرية،‭ ‬وضلوع‭ ‬الحزب‭ ‬في‭ ‬تشكيل‭ ‬خلايا‭ ‬إرهابية‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬والسعودية‭ ‬والكويت‭ ‬والعراق‭!‬

صورة‭ ‬صارخة‭ ‬بالتناقض،‭ ‬حين‭ ‬يرى‭ (‬الغرب‭) ‬صواريخ‭ (‬الحوثيين‭ ‬ومسيراته‭ ‬المفخخة‭ ‬تقصف‭ ‬المدن‭ ‬والمطارات‭ ‬والموانئ‭ ‬السعودية‭ ‬ومنشآتها‭ ‬النفطية‭ ‬بشكل‭ ‬يومي،‭ ‬ولا‭ ‬يحرك‭ ‬ساكنًا‭ ‬ولا‭ ‬يصف‭ (‬الحوثيين‭) ‬منظمة‭ ‬إرهابية‭! ‬فقط‭ ‬لأن‭ ‬عدسته‭ ‬السياسية‭ ‬لا‭ ‬ترى‭ ‬الإرهاب‭ ‬سوى‭ ‬في‭ (‬داعش‭) ‬و‭(‬القاعدة‭)!.. ‬ففي‭ ‬الإرهاب‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬شيطان‭ ‬أكرهه‭ ‬وآخر‭ ‬أحبه‭! ‬هو‭ ‬ذاته‭ ‬سواء‭ ‬كان‭ ‬قميصه‭ (‬شيعيا‭ ‬أم‭ ‬سنيا‭).. ‬ومقاومة‭ ‬الإرهاب‭ ‬تتطلب‭ ‬أولاً‭ ‬التخلي‭ ‬عن‭ ‬الازدواجية‭ ‬في‭ ‬تصنيف‭ ‬الإرهابيين‭ ‬بالعالم‭.. ‬وحين‭ ‬يتخلى‭ ‬الغرب‭ ‬ويتخلى‭ ‬بعض‭ (‬العرب‭) ‬أيضًا‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬الازدواجية‭ ‬الطائفية‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الإرهابيين‭ ‬سنكون‭ ‬حقًا‭ ‬بدأنا‭ ‬الفصل‭ ‬الأول‭ ‬الصحيح‭ ‬في‭ ‬محاربة‭ ‬الإرهاب‭ ‬في‭ ‬العالم‭.‬

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى