رأي في الحدث

د.أحمد بن سالم باتميرا: :أوراق الخريف: حللت أهلا ونزلت سهلا الأمير محمد

تفتح سلطنة عمان حكومة وشعبا اليوم الاثنين قلبها وذراعيها بكل ترحاب وسعادة للضيف العزيز سمو الأمير محمد بن سلمان وليّ العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع بالمملكة العربية السعودية الشقيقة الذي يحمل معه باقات أماني لتوطيد العلاقات العمانية السعودية من جهة، والسعودية الخليجية بشكل عام من جهة أخرى في إطار جولته الخليجية، فأهلا سمو الأمير بين أهلك وإخوانك، ولا يسعنا إلا أن نقول “حللت أهلا ونزلت سهلا في بلدك عمان”.
وتأتي زيارة الأمير محمد إلى السلطنة، كأولى محطات جولته الخليجية، تأكيدا لمكانة السلطنة وقيادتها وما تمثله من عمق استراتيجي على مستوى الخليج والمنطقة العربية، ولصياغة رؤية مشتركة لشراكة اقتصادية في المرحلة القادمة، وتعزيز العلاقات الوطيدة بين البلدين والارتقاء بها لآفاق أكثر اتساعا ورحابة وعمقا في مختلف المجالات وعلى كافة المستويات.
إن عُمان تكن الكثير من التقدير والاحترام لقيادة وشعب المملكة ولمواقفهما الراسخة مع السلطنة والتي دخلت مرحلة جديدة منذ تولي جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم مقاليد الحكم. لذا فإن زيارة سمو ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لها دلالة وأهمية كبيرة، خصوصا وأنها الزيارة الرسمية الأولى للسلطنة.
وإذا كانت العلاقات العمانية ـ السعودية قد استطاعت على مدى السنوات والعقود الماضية أن تسير إلى الأمام في مختلف المجالات، فإن هذه العلاقات في عهد جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم وأخيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ـ حفظهما الله ورعاهما ـ تشهد تحركا نشطا، وخطوات متتابعة ضمن رؤى مشتركة ستعود بالنفع على الشعبين العماني والسعودي، وهذه الزيارة ستضع النقاط على الحروف في الكثير من هذه الجوانب التي يتطلع إليها شعبا البلدين في قادم الأيام.
فعُمان هي بوابة الخليج، والمملكة هي عمود الاقتصاد والاستثمار، فكلاهما مكمل للآخر لما يمتلكانه من موقع استراتيجي ورؤية واضحة وشفافية وسياسة رزينة، فالأسس والركائز التي أرساها قادة البلدين على مدى العقود الماضية تشكل أرضية قوية للانطلاق للأمام بكل أريحية في المجالات الاقتصادية والاستثمارية والزراعية والسمكية والسياحية والعلمية والعمالية وغيرها، وهو الأمر الذي سيدعم هذا التوجُّه من خلال فتح المنفذ الحدودي الأول بين البلدين الشقيقين، وربط موانئ ومطارات المملكة بمنطقة الدقم الاقتصادية الواعدة وتقديم التسهيلات الكبرى للأشقاء في المملكة للاستفادة من هذه المواقع الحيوية بما يعود بالنفع على كلا البلدين.
المؤكد أن إطلاق مجلس التنسيق العماني السعودي المشترك، ووجود مجلس رجال الأعمال العماني السعودي، سيسهم في تفعيل الاتفاقيات والمذكرات العديدة التي تم أو سيتم التوقيع عليها والتي تغطي معظم مجالات التعاون بين الجانبين، سواء العام أو الخاص ـ ونحن اليوم نتطلع بأن تكون هذه الزيارة التاريخية الأولى لولي العهد السعودي للسلطنة هي بمثابة انطلاقة حقيقية للتعاون والشراكة بين البلدين والشعبين الشقيقين اللذين يتطلعان إلى مزيد من دعم سبل ومجالات التعاون المثمر لتحقيق المصالح المشتركة والمتبادلة، في كل المجالات دون استثناء. فنأمل أن تحقق عُمان والسعودية شراكة اقتصادية حقيقية وواعدة.
وبما أن رؤية المملكة 2030 وعُمان 2040 تشتملان على العديد من المشاريع العملاقة والمتنوعة والتي تتطلب التعاون بينهما لتحقيقها، فيمكن ـ على سبيل المثال ـ ربط المناطق الصناعية المتطورة في المملكة مع المنطقة الاقتصادية بالدقم وميناء صلالة وغيرهما من الموانئ والمناطق الصناعية العمانية الواعدة، مما سيزيد من حجم التبادل التجاري بين البلدين.
وعلى صعيد آخر، فإن الزيارة ستكتسب وجها آخر؛ لما للبلدين من توافق ورؤى مشتركة لتفعيل وتحقيق أهداف مجلس التعاون الخليجي ليكون أكثر تكاملا وقوة فيما يتصل بتبادل المنافع المشتركة لتحقيق الرخاء والنماء لكافة بلدانه ولشعوبه التي تتطلع إلى أن يكون هذا المجلس المبارك سبلة شاملة يعم خيرها ومنافعها على كافة الشعوب الخليجية وعلى المنطقة ككل من حولها، والعمل على تحقيق السلام والأمن والاستقرار في ربوع المنطقة بشكل عام.
إن ضيف عُمان الكبير، بمكانته وقدراته، يستطيع تحقيق الكثير على صعيد التكامل والتعاون والتعاضد بين دولنا الخليجية وتعميق أواصر المحبة وقلب الصفحة الخليجية السابقة نهائيا، وفتح مجالات التعاون مع السلطنة لتكون عُمان بوابة التجارة السعودية والخليجية للخارج لما تملكه السلطنة من موانئ وموقع استراتيجي. وبالنظر لكون المملكة العربية السعودية ستستضيف القمة الخليجية القادمة هذا الشهر فإننا نتطلع إلى أن تتمخض جولة الأمير محمد بن سلمان عن اتفاقات لعودة المياه لمجاريها بشكل نهائي بين دولنا الخليجية، وقناعتي قوية بأن الجولة ستتمخض عن الكثير بما يخدم ويحقق أهداف القمة الخليجية القادمة.
واليوم ستكون مسقط العامرة والمبتهجة بزيارة الأمير محمد هي قبلة الأنظار للقاء الأخوي الذي سيجمع جلالة السلطان المعظم وولي العهد السعودي، وهو استكمال للمحادثات العمانية السعودية التي عقدت في “نيوم” بكل شفافية؛ لأن الغد يتطلب التعاون والتكاتف والانسجام في مختلف المجالات والعمل بجهد أكبر من أجل تهيئة المناخ لتجاوز العقبات والقوانين والخلافات الخليجية، فما يجمنا أكثر مما يفرقنا بالتأكيد، والاستثمار في بلداننا أكثر أمانا لنا ولشعوبنا كذلك.
إن السلطنة والمملكة العربية السعودية تمتلكان كل المؤهلات لتلعبا دورا محوريا في المنطقة لتحقيق السلام والاستقرار ووحدة الصف الخليجي والعربي وإطفاء الحرائق في المنطقة، وهذا ما نتطلع إليه كشعوب خليجية من هذه الجولة لولي العهد السعودي، وأن يكون التركيز القادم على تفعيل الجوانب الاقتصادية والاستثمارية في دول المجلس لما لها من مردود مالي واجتماعي وسياسي على شعوبنا في الحاضر والمستقبل.
وفي ضوء ذلك، فإن جلالة السلطان المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ وأخاه الأمير ولي العهد السعودي سيناقشان العديد من القضايا ذات الاهتمام المُشترك داخليا وخارجيا إلى جانب استعراض آخر التطورات على الساحتين الإقليمية والدولية.. فأهلا ومرحبا بالأمير محمد بن سلمان في بلده وفي عاصمة التاريخ والسلام.. فحللتم أهلا ونزلتم سهلا.. فالأرض والشعب يرحبان بكم، فروح المملكة قامة وقمة وموسم غير… والله من وراء القصد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى