رأي في الحدث

أحمد الجارالله : شيخ محمد …نريد الكويت درة الخليج


عندما تحين لأي إنسان فرصة القيادة، لا بد أن يكون لديه الطموح والمثابرة، لهذا ثمة قادة عملوا على دفع دولهم نحو القمة، فيما آخرون فشلوا، لأنهم افتقدوا قدرة السعي إلى الإنجاز.
ففي القرن الماضي، عرف التاريخ شخصيات نهضت ببلادها إلى المراتب العليا، فيما كانت تعاني لعقود من الأزمات، في الاقتصاد أم السياسة أم الاجتماع، فمثلاً، سنغافورة قبل لي كوان يو كانت شبه جزيرة توصف بالأكثر فقراً في شرق آسيا، لكن حين تسلم هذا الرجل رئاسة الوزراء كان همه الوحيد الخروج من الإرث الذي تركه الاستعمار البريطاني، فعمل سريعاً على النهوض بالتعليم، وسنّ القوانين المشجعة على الاستثمار، وفتح البلاد، وبين عامي 1959 و1990 أصبحت بلاده رابع اقتصاد عالمي، وسكانها الأعلى دخلاً في آسيا.
الطموح كان دافع الرجل، تماماً مثل دينغ شياو بينغ الذي ورث الصين مفلسة وتعاني من اقتصاد شمولي مغلق، فبدأ عهده بعدم الركون إلى التعاليم الحزبية، ومراكز القوى بالحزب الحاكم، واعتمد على التكنوقراط، بل أقدم على خطوة جريئة حين استعان بالخبير الاقتصادي البريطاني، من أصل عراقي، إلياس كوركيس، وأعطاه الصلاحيات الكاملة، لهذا، وفي غضون سنوات قليلة أطلق كوركيس ستراتيجية مشروع نهضة التنمية الصينية، واليوم تعتبر البلاد أكثر الاقتصادات حركة، حيويّة وتوسعاً.
أيضاً عندما يجري الحديث عن النمور الآسيوية، فأول ما يتذكر المرء ماليزيا، التي كانت طوال عقود تعاني من الفساد والفوضى والجريمة، وحين تولى مهاتير محمد رئاسة الوزراء، قدم نموذجاً يحتذى بتحقيق النهضة، حتى لُقب في آسيا بالزعيم الذي جمع بين العلم والحكمة والفطنة السياسية، وكان الربان الماهر الذي قاد سفينة بلده وسط أمواج بحر متلاطم.
ليس بعيداً منها تشهد إندونيسيا تطوراً اقتصادياً وتوسعاً في البنية التحتية والاستثمارات الأجنبية، وهو ما مهد الطريق أمامها ليحولها قوة اقتصادية في آسيا، لأنه تيسر لها بعض القادة الطموحين، ومنهم جوكو ويدودو، الذي بدأ رئاسته في العام 2014 بالعمل على تغيير الستراتيجية الاقتصادية، وتطوير البلاد بشكل مذهل.
الرغبة في النهضة لا تحتاج إلى عبقرية، إنما الإصرار على تحقيق الطموحات، ومثال على ذلك بعض دول الإقليم، فالإمارات في عهد الشيخ زايد بن سلطان والشيخ راشد بن سعيد، انطلقت بخطوات متسارعة حتى أصبحت في مصاف الدول الناشطة اقتصادياً، وقد جاء كل من الشيخ محمد بن زايد، والشيخ محمد بن راشد ليكملا المسيرة النهضوية.
أيضاً السعودية، قبل عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان عانت من الانغلاق والتخلف بالقوانين والأنظمة، وكان الفساد يستشري فيها، لكن حين وجدت العزيمة على النهضة حققت في غضون سبع سنوات ما تعجز عنه دول أخرى في عقود.
للأسف، إن هذه الأمثلة تساق في حين أن الكويت التي كانت رائدة خليجياً وعربياً، تقف على رصيف الزمن تجتر الذكريات والشعارات، بل تقدم نموذجاً عن سيادة التخلف في المجالات كافة، لأن هناك من يسعى إلى تكبيلها بقيود الدولة العميقة المتحكمة بكل مفاصل البلاد.
لهذا، كما أسلفنا سابقاً، فإن التحديات كثيرة أمام رئيس مجلس الوزراء الجديد الشيخ د.محمد صباح السالم، لذا كل ما نتمناه أن تكون قدراته مقاربة لطموحات الشعب، وتعود الكويت درة الخليج.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى