رأي في الحدث

أحمد الجارالله : سمو الرئيس… ابنِ مع هدير المدافع

أعتقد أن وزير الدفاع الأميركي الأسبق جورج مارشال هو من قال: “حين تسمع هدير المدافع عليك أن تبدأ بالتخطيط للبناء، وعندما تسمع زقزقة العصافير تبدأ بجني الأرباح”، وعلى هذا الأساس أقترح مشروع إعادة إعمار أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، التي جنت منه الولايات المتحدة الكثير من المنافع، ولا تزال إلى اليوم، اقتصادياً ومالياً وسياسياً.حالياً، ومنذ عقود عدة، العالم يسمع هدير المدافع،

وهناك دول عدة بدأت منذ وقت طويل بالاستثمار في البنى التحتية والمشاريع العملاقة، وإقامة المصانع، واستثمرت جزءاً من مالها السيادي في أرضها، لأنها أدركت أنه أكثر فائدة من الخارج الذي يمكن أن يتحول في لحظة ما خسائر كبيرة لها، وتفقد بالتالي قوتها، ورفاهية شعبها.إن

ما قاله جورج ماشارل نضعه أمام سمو رئيس مجلس الوزراء، من باب التذكّر، لأنه لا شك بوصفه خبيرا اقتصاديا، وسياسيا محنكا، يُدرك مدى الفوائد التي تعود على البلاد في حال استثمار جزء من المال السيادي في الكويت، لا سيما أن هناك وفرة مالية، وهذه الوفرة تتركز في الاستثمارات الخارجية، خصوصاً أن ثمة مثلاً شائعاً وهو “احفظ قرشك الأبيض لليوم الأسود”،

ونحن في الكويت نعيش ما يشبه ذلك، أو بالأحرى نعيش الفقر رغم ثراء الدولة.فالبلد مُعطل، ومقفل في الوقت نفسه، كما أن البنية التحتية متهالكة، وخدماتنا لا تساعد على تحقيق أي منافع، لهذا حين تستثمر الحكومة جزءاً من مالها السيادي في تطوير جزيرة فيلكا وتجعلها ملاذاً ترفيهياً، لأهل الكويت والمقيمين والزائرين، مع التخلي عن الشروط التعجيزية في ما يتعلق بالتأشيرات،

كما أنها تعمل على إحياء المنطقة الاقتصادية الشمالية، بل تعمل على بناء أخرى في الجنوب، فذلك لا شك يعود على الدولة والشعب بالكثير من المنافع.من نافلة القول، إن الاستثمارات في أوروبا والغرب وصلت إلى حد الامتلاء، والعوائد لم تعد كما كانت قبل عقدين أو ثلاثة،

وهي ملاحظة جديرة بالدراسة، فقد قيل قديماً: “حين يكتمل البدر يبدأ بالنقصان”، وذلك ما فعلته دول خليجية عدة إذ استثمرت مالها السيادي في أرضها، لأن قيمتها في المشاريع وليس تركها صحراء خالية تعج بالغبار.

لذا، على الدولة التي تخطط للمستقبل وتدرك مدى الفوائد العائدة من الاستثمار في أراضيها وليس التعلق بالأرباح الاسمية لأسهم دولية قابلة دائما للخسارة عند أول أزمة، كما أن الواقع يحتم الاستثمار بالمشاريع في الدول المشابهة لبيئتنا، كالسعودية والإمارات وسلطنة عمان، وقطر والبحرين،

فيما هذا لا يعني أن تتخلى الدولة على الاستثمارات في العالم، لكن عليها أن تدرسها بتمعن شديد، وتعمل على التخلص من تلك التي عليها مخاطر كبيرة، وأن تركز مبلغاً من مالها السيادي في الداخل، وتفتح البلاد التي عانت الكثير من الإقفال المحكم، وجعلتها تفقد أهم العناصر في علاقاتها الدولية، وهي المبادرة التي كانت تتمتع بها في مرحلة من المراحل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى